حصار العيون .. بقلم: الزهرة العناق

في زوايا الأزقة وبين أوراق الشجر المتهدلة، تختبئ عيون تراقبني دون هوادة. أتحسس وجودها كما يتحسس الطائر رهبة النسر في السماء، أتقدم خطوة وأشعر بظلها يتبعني. ليست مجرد عيون، بل هي سيوف مسلطة على روحي، تنتظر اللحظة المناسبة لتقضي على سكينتي .
في كل حركة أخطوها، أسمع همساتهم التي تتداخل مع أنفاسي. كل نظرة ألقيها، تعكس لي وجوها مخيفة تحيط بي كأنها أشباح. أحيانا أشعر أنني أسير في ممرات ذاكرة الآخرين، محاصرة بين جدران قصصهم و مخاوفهم، و كأني بطلة في رواية لم تكتب بعد.
في هدوء الكون ، تزداد الوطأة كلما ازداد الصمت. أسمع دقات قلبي كأنها طبول الحرب، وتبدأ الأفكار تدور في رأسي. كيف أهرب من هذا الحصار المميت؟ كيف أستعيد لحظات الحرية التي فقدتها في غمرة هذه العيون؟ لماذا الناس لا تهتم بحالها ؟
لأدرك أن العالم أصبح مسرحا، وأنني فيه الممثلة الوحيدة التي لا تعرف نصه. أخشى أن أخطئ، أن أتعثر، أن أكون عرضة لأحكامهم القاسية. أحاول أن أستجمع شجاعتي، أن أتمرد على هذه العيون، أن أكون نفسي بلا خوف و لا تردد.
لكن لا أستطيع الهرب تمامًا ، و هذا ينطبق على الكل . ليبقى هذا الحصشار جزءا من واقعي، و أظل أبحث عن طريق يعيد لي سلامي الداخلي، عن لحظة أستطيع فيها أن أتنفس بعمق دون أن أسمع همساتهم، عن عالم أستطيع فيه أن أكون حرا كما أحلم دائما دون حصار العيون