الدكروري يكتب/ الشكر قيد النعم

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن من الأسباب المشروعة الجالبة للرزق هو الدعاء حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي أمامة رضي الله عنه “ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن أذهب الله همك وقضى دينك؟ قال بلى يا رسول الله، قال ” قل إذا أصبحت وأمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”
قال ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي وقضي عني ديني” رواه أبو داود، وقال أحد السلف “ما افتقر ولا احتاج للبشر من عمل بهذه الآية” وكذلك أيضا من أسباب الرزق هو شكر النعم حيث قال تعالى ” وإ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد” وقال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ” قيّدوا نعم الله بشكر الله، فالشكر قيد النعم” وإن أرزاق العباد على الله سبحانه وتعالى، وقد أكد الله سبحانه هذا المبدأ، وأقر هذه القاعدة في كتابه، فلا رازق سواه عز وجل، وكما أنه لا خالق غيره، فسبحانه وتعالي خلق ورزق دون عناء ولا كلفة ولا مشقة، فلو سأله الخلق جمعيا فأعطاهم لم ينقص ذلك من ملكه شيئا، كما قال في الحديث القدسي الجليل الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال “يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني،
فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه” ومن آيات ربنا سبحانه وتعالي التي تقرر هذه القاعدة قوله جل ذكره كما جاء في سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ” وما جاء به في ختام الآية الثانية، فالرزاق من أبنية المبالغة، وهو يعني الذي يرزق مرة بعد مرة، الرزاق لجميع عباده، وقوله تعالي ” ذو القوة المتين” يدل على أنه سبحانه لا يعجزه شيء من هذا العطاء والرزق، فيعطى ويخلق بالقدرة المعجزة التي لا نهاية لها،
وكما قال ربنا عز وجل ” إن هذا لرزقنا ما له من نفاد ” فما على الإنسان إلا أن يسعى في الطلب ويحسن التوكل على الله تعالي، والله تعالى يفيض عليه من رزقه، وقال تعالى كما جاء في سورة العنكبوت ” وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ” والمعنى كما يقول شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله ” لا تطيق جمعه ولا تحصيله، ولا تدخر شيئا لغد، وقوله تعالي ” الله يرزقها” أي يقيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر في قرار الأرض، والطير في الهواء، والحيتان في الماء”.