الدكروري يكتب/ الدنيا والمقاييس المادية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد ما أكثر الدروس والعبر التي ينبغي علينا أن نتوقف عندها في الهجرة النبوية المباركة، ولكن حسبنا أن نعيش مع هذا المعنى العظيم من معاني الهجرة “لا تحزن إن الله معنا” فيا له من معنى متجدد ومتجسد في نفس كل مؤمن موحد بالله تعالي، وكيف يحزن ومعه الله؟ ومن كان الله معه، فمعه كل شيء، ومن كان الله معه، فلن يضره من عليه، إذا كان الله عليك فلن ينفعك من كان معك، فكل هذه المعاني وغيرها تجول في نفس كل مؤمن صادق الإيمان.
وهو يسمع لا تحزن إن الله معنا، ولقد كانت معية الله سبحانه وتعالى ملازمة لحبيبه المصطفى ونييه المجتبى صلي الله عليه وسلم على مدار رحلة الهجرة، بل لم تكن معيته سبحانه وتعالى قاصرة على رسوله صلي الله عليه وسلم، بل عمت أصحابه صلوات ربى وسلامه عليه، وهنا تلحظ الفرق الجلي بين أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأصحاب نبي الله موسى عليه السلا، حين تعرضوا لموقف مشابه مع فرعون، وإن من المواقف التي تجلت فيه معية الله تعالي على حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم هي قصة سراقة بن مالك حيث عُرف سراقة بن مالك رضي الله عنه في الجاهلية باقتصاص الأثر والفراسة، وهو ما يُسمّى القيافة، فقد اشتهرت بنو كنانة وخاصة بنو مدلج فيهما، ومما يؤكد هذا أن أبا سفيان طلب منه.
أن يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما خرج الرسول مهاجرا مع أبي بكر الصديق إلى المدينة المنورة، ومن هنا فإن سراقة بن مالك رضي الله عنه كان ممن اتبع أثر الرسول صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه، ولكن حين التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم حدث ما قد غيّر الأحداث أثناء ذلك وبعده، ويتضح ذلك في الحديث عن موقفه في الهجرة النبوية، فقد رصدت قريش جائزة ثمينة لمن يأتي لهم برسول الله صلي الله عليه وسلم وكاد سراقة بمقاييس الدنيا وبالمقاييس المادية أن يمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هيهات هيهات ومعه الله، فكان كلما اقترب من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيل بينه وبين رسول الله، فلا تعجب إنها معية الله، فإن الحديث هو دعوة لكل مسلم على وجه الأرض.
لا تحزن على ما فاتك من الدنيا، لا تحزن لمرض أصابك، لا تحزن لأي سوء مسك فكيف الحزن والسخط ومعك الله رب العالمين، فإنها دعوة لتزداد القلوب بالله صدقا ويقينا وإيمانا، فاللهم اجعل عيشنا رغدا، وصب علينا الرزق صبا، ولا تجعل عيشنا كدا كدا، يا رزاق يا كريم يا واسع الفضل، يا ذا الفضل العظيم أغث إخواننا المستضعفين يا رحمن يا رحيم، احمل حافيهم، واشف مرضيهم، وأبرئ جرحيهم، وارحم ميتهم، اللهم إنهم في هذا البرد في البلاء مما لا يعلمه إلا أنت فاكشف ما نزل بهم من ضر يا رحمن يا رحيم، عجل الفرج لأمة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، اللهم إنا نسألك لبلدنا هذا الأمن والإيمان ولسائر بلاد المسلمين.