.. كبر الطفل الذي يعيش في داخلي و تعلّم أخيراً مفردات القدر و الحظ و النصيب و الصبر على طول السفر.. تعلّم معنى أن يكون الحب كبيراً و الحلم كبيراً تعلّم أنه و مهما اشتدّ عليه ليل الحنين ألّا يطاوع لهفته ألّا يكسّر المرايا و يختلس صحائف الأقدار يقلّب صفحاتها كالمهووس بحثاً عن موعد اللقاء.. تعلّم كيف يهادن الأيام كيف يروّض الأحلام ألف غمامة مرّت في الأفق الرماديّ و لا يبالي باحتمالات المطر و لا يثير شغفه الغمام. تعلّم اليقين و كأنها يد الله قد ربتت على كتفه ذات سجود ذات تبتّل و دعاء بلقاء و غشيته بالسلام.. كبر طفلكِ الهائم فيكِ حباٌ يا سيدتي ما عاد مندفعاً تثيره ذكرى تحمل نعومة صوتكِ و مدّ الفيروز في عينيكِ أو دهشة صدى من عطركِ يحمله نسيم البحر أو لو مرّ اسمكِ عابراً في زحام الكلام.. كبر طفلكِ يا سيدتي ما عاد يغريه الحزن ما عاد يقتله الجوع و كأنه قد بلغ الفطام. ما عاد يحطّم زجاج الوقت و يثير الضحيج في جنبات الصمت ما عاد يحيك من الظن ألف رواية و يترك عينيكِ باكية في مشهد الختام. كبر طفلكِ و ما بين الحب و الافتراق ما عاد من صدام..