فضائل سقي الماء .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، إن من فضائل سقي الماء هو أن يسقيه الله تعالي من الرحيق المختوم في الجنة، فيا أيها الراغب في البر والأجر، وبذل المعروف والخير سابق إلى الصدقات الجارية، عن الآباء والأمهات، والبنين والبنات، والأنفس والذوات، واعلم أن من أعظم الصدقات هو سقي الماء وإجراؤه، فهو من أفضل الأعمال، ومن فوائد سقي الماء أيضاً أنه سبب لعلاج الأمراض، وشفاء الأسقام بإذن الله سبحانه وتعالي فيقول ابن شقيق سمعت ابن المبارك وسأله رجل عن قرحة خرجت في ركبته منذ سبع سنين
وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع بما أعطوه، فقال له ابن المبارك اذهب فاحفر بئرا في مكان يحتاج الناس فيه إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ بإذن الله، فقد كان سقي الماء من هذا الرجل سببا لشفائه بعد إذن الله سبحانه وتعالى، فاحرصوا أيها المسلمون على حفر الآبار في الأماكن التي يحتاج إليها الناس، وهذا أمر ميسور، فيطيق الإنسان أن يحفر له بئر بثمن بخس في بلد فقير معوز تجري عليه بركته وبره، فكل هذه المعاني تجعل الأمة في حب وتعاون وتكافل وأمن وسلام، فإن الماء نعمة عظيمة ومنة من الله جل جلاله كبيرة داخلة في كل شئ ويحتاجها كل شئ، فكيف حالنا مع هذه النعمة ؟ وهل نحفظها ونكرمها ونحذر الإسراف فيها، وهل نهتم لذلك فعلا، ونعلم أهميتها ومنزلتها ؟
وقد حذرنا الله من عقابه فيها فقال سبحانه ” قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ” أي إذا أصبح الماء غائرا لاتصله الدلاء فمن يأتيكم بماء ظاهر تراه العين ؟ فلنحافظ على الماء هذه النعمة العظيمة قبل أن يعاقبنا الله تعالي بإسرافنا وتهاوننا في فضل من فضله، فيصبح الماء غائرا فمن يأتينا بماء ظاهر للعيان، فيا أيها الأخوة المؤمنون، أوصيكم ونفسي بوصية الله لكم، ولمن كان قبلكم تقوى الله جل جلاله، فهي وصيته لخلقه الأولين والآخرين، فاتقوا الله يا عباد الله، اجعلوا بينكم وبين عذاب ربكم وقاية، بفعل أوامره، والبعد عن ما نهى عنه، اسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من عباده المتقين، الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، فإن من النعم التي ينعم بها الرب جل جلاله، على عباده
ما أنعم به علينا في هذه الأيام، نعمة المطر، فإنزال المطر نعمة من أعظم وأجل نعم الله عز وجل، كيف لا، وقد أشاد الله بها في كتابه، وذكرها في سياق الامتنان على عباده، فيأمر جل جلاله خلقه من الأنس والجن، بأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ويذكرهم بأنه هو الذي خلقهم، وهو الذي أوجدهم، وهو الذي جعل لهم الأرض مهدا كالفراش، وجعل لهم السماء بناء، ثم ذكرهذه نعمة، نعمة إنزال المطر فقال ” وأنزل عليكم من السماء ماء ” فيالها من نعمة عظيمة، ومنة كريمة، ومما يدل على عظم قدر هذه النعمة، أن الله عز وجل سماها بالغيث، وجعلها مظهرا من مظاهر رحمته.