محمـــد الدكـــروري يكتب/ الإختلاف في خصائص الإنسان

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، لقد قضت مشيئة الله سبحانه وتعالي أن خلق الناس برحمته متشابهين لا متطابقين، فقد خلقهم من نفس واحدة، فهناك خصائص مشتركة بين بني البشر يتميز بها الإنسان عن باقي المخلوقات، وفي الوقت نفسه جعل الله البشر مختلفين في الخصائص الإنسانية.
فهم درجات متفاوتة في كل خاصية من خصائص الإنسان، ولقد قضت سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يكونوا مختلفين، وهذه السنة الإلهية العظيمة كانت منذ بداية الخلق، ويعد اختلاف الناس فيما بينهم في الصحة، والمرض، والفقر، والغنى، وفي الابتلاء والسلامة، واختلافهم في الطبائع والنفسيات والرغبات والميول، كل ذلك يعد امتحانا للفرد في حياته، وقد فرض الله على المؤمنين به فرائض، وجعل هناك تيسيرات ورخص للحالات الخاصة كالمرض تخفيفا عليهم، وفي نفس الوقت فتح الله الباب لكل مجتهد في عبادته في كل مجالات الحياة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال ” إذا تقرب العبد إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إليّ ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة ” رواه البخاري.
فعلى كل فرد أن يبحث في نفسه من إمكانات وخصائص وتميزات خصها الله بها ليعبدها ويستخدمها في سباق الحياة لتجميع الحسنات، ولا يضيع حياته ووقته هباء منثورا، على أن يؤكد نيته في كل حركاته وسكناته على مرضاة الله عز وجل، فابحث عن الوسائل التي بمقدورك أن تجمع بها الحسنات فالله يناديك” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون” فمن اجتهد في البحث عن الوسائل المؤدية إلى مرضاة الله، فإن الله يوفقه إليها ويكون في عونه، ويا سعادة من أدرك ذلك وعمل به، انظر قول الله تعالى كما جاء في سوة العنكبوت ” والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” ألا تحب أن تكون من المحسنين، فعليك بالمجاهدة والعناية بطاعة الله ورسوله، وحفظ وقتك في جميع الأوقات حتى تلقى ربك.
فعبّد كل حياتك فالحياة كلها عبادة، فعبّد صحتك ومالك ووظيفتك، ومكانتك في المجتمع وعمرك، وأولادك وحواسك وعقلك ومهاراتك، وكل ما تملك في هذه الحياة، فأنت مفارقه، وإن من التوسل المشروع هو التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، والتوسل إلى الله تعالى بالإيمانِ وبالأعمال الصالحة، والتوسل إلى الله تعالى بتوحيده، والوسيلة هو ما يتقرب به إلى الغير، والجمع الوسيل والوسائل، والتوسيل والتوسل واحد، يقال وسل فلان إلى ربه وسيلة، وتوسل إليه بوسيلة، أي تقرب إليه بعمل، وكما أن الوسيلة هي المنزلة عند الملك، والوسيلة هي الدرجة، والوسيلة هي القربة، ووسل فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملا تقرب به إليه، والواسل هو الراغب إلى الله، والجمع هو الوسل والوسائل، والتوسيل والتوسل واحد، وفي حديث الأذان “اللهم آت محمدا الوسيلة”.