المسيطر على حياة البشرية .. بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم أما بعد، لقد حثنا الإسلام علي فعل الخير والمسارعة إليه وتذوق حلاوته، فيقول الداراني أني لأضع اللقمة في فم أخي فأجد طعمها في فمي، فيمكن أن تنجو من النار وتدخل الجنة بفرج كربة صغيرة لا يلقى لها بال فاغتنم الفرص قبل أن يغتنمها غيرك، ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ” من إستطاع منكم أن ينفع الناس فليفعل” وفي روايه ” فلينفعه” ولقد اشتمل هذا الحديث على معاني رائعة تأخذ بالألباب، ذلك أن الحركة النفسية التي تحدث في نفس المسلم.
وهو يهم بنفع إخوانه بأي نفع مهما صغر وقل منبعها ودافعها وغايتها واحدة في جميع الأحوال، ألا وهي أن يكون الخير ونفع الآخرين هو المسيطر على حياة البشرية، وإن من أعظم الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان سعيه في نفعِ الآخرين وفعل الخير لهم، وقال الشيخ السعدي “يأمر تعالى عباده المؤمنين بالصلاة، وخص منها الركوع والسجود، لفضلهما وركنيتهما، وعبادته التي هي قرة العيون، وسلوة القلب المحزون، وأن ربوبيته وإحسانه على العباد، يقتضي منهم أن يخلصوا له العبادة، ويأمرهم بفعل الخير عموما” وعلق تعالى الفلاح على هذه الأمور فقال ” لعلكم تفلحون” أي تفوزون بالمطلوب المرغوب، وتنجون من المكروه المرهوب، فلا طريق للفلاح سوى الإخلاص في عبادة الخالق.
والسعي في نفع عبيده، فمن وفق لذلك، فله القدح المعلى، من السعادة والنجاح والفلاح، وقال عن أصفيائه عليهم السلام ” وأوحينا إليهم فعل الخيرات” أي يفعلونها ويدعون الناس إليها، وهذا شامل لجميع الخيرات، من حقوق الله، وحقوق العباد، وقد سما من ينفع عباد الله إلى درجة عظيمة ومكانة عالية حيث أخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم لما سُئل أي الناس أحب إلى الله؟ فقال “أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس” وجعل من يتصف بنفع الأمة خير الناس فقال “المؤمن يألف ويُؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس” وكما أن العفو هو من صفات عباد الله المتقين، فهذا الخلق العظيم ذكره الله سبحانه وتعالى في سياق ذكر صفات عباده المتقين فقال تعالي.
” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدة للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” وكما قال الله تعالى “وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ” وهذا من أبلغ الجزاء حيث قال تعالى فأجره على الله فترك الجزاء لكرمه سبحانه وتعالى ومن أكرم من الله جل في علاه نسأل الله من فضله، وقال الله تعالى “وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم” وكما قال الله تعالى ” وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ” ويقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم “من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق حتى يخيره الله من الحور ماشاء” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.