يا ليتني كنت شجرة تعضد وتؤكل ثمرتي .. بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن الله تعالى يرسل آياته بين حين وآخر لتخويف عباده وتحذيرهم عن إعراضهم وغفلتهم ففي كل آية عبرة فاعتبروا يا أولي الأبصار، وينبغي علينا أن نتفكر فيما يجري من الحوادث والكوارث والأعاصير والزلازل وما فيها من العبر فإن العاقل من تذكر واعتبر، ولا يكن حظنا منها مجرد السماع والاستطلاع دون الإعتبار والإنتفاع، فعلينا بترك ما يسخط الله تعالى والمبادرة بالتوبة النصوح.
والدعاء لإخواننا على ما اصابهم، فلا نقول إلاّ ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون، واعلموا يرحمكم الله أن الدعوة إلى الله تكون بكل ما أمر به سبحانه وتعالى من عقيدة وأخلاق وآداب وتعليم العلم الشرعي والدعوة إلى الله من زكاة العلم، وقيل أنه خرج ابن عمر رضي الله عنهما في سفر معه أصحابه فوضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي فدعوه إلى أن يأكل معهم فقال إني صائم، فقال ابن عمر في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وأنت صائم؟ فقال أبادر أيامي هذه الخالية، وكذلك أيها الإخوة حين يخرج المصلي إلى المسجد لصلاة الظهر أو العصر فيرى الشمس اللاهبة ويحس بالحر اللافح، ولكنه يطمع في رحمة رب العالمين ويدخر هذا المخرج عند الله في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، وقال الضحاك بن مزاحم رحمه الله.
مر أبو بكر الصديق رضي الله عنه على طير قد وقع على شجرة فقال طوبى لك يا طير تطير فتقع على الشجر ثم تأكل من الثمر ثم تطير ليس عليك حساب ولا عذاب، ياليتني كنت مثلك والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانت الطريق فمر عليّ بعير فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم إزدردني ثم أخرجني بعرا ولم أكن بشرا، قال فقال عمر رضي الله عنه يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت كأسمن ما يكون زارهم بعض من يحبون فذبحوني لهم فجعلوا بعضي شواء وبعضه قديدا ثم أكلوني ولم أكن بشرا، قال وقال أبو الدرداء يا ليتني كنت شجرة تعضد وتؤكل ثمرتي ولم أكن بشرا، واعلموا يرحمكم الله أن أعظم الدعاة نفعا للناس هم الدعاة العاملون الذين تسبق أفعالهم الأقوال، ويكونون قدوة للناس بأخلافهم الحسنة، وأعمالهم المباركة.
وهذا الوقت من أعظم الأوقات وأجلها التي يجب على الدعاة إستغلالها في الدعوة إلى الله تعالي فالناس اليوم في أمس الحاجة إلى سماع كلام الله، وكذلك حاجتهم للعودة إلى الله من خلال إرشادهم لطرق التوبة والاستغفار، والدعوة إلى الله هو عمل الأنبياء والرسل ومن تبعهم من الصالحين من عباد الله المؤمنين الذين يدعون إلى توحيد الله، ويرشدون الناس إلى العقيدة الصحيحة، ويحذرون من البدع الضلالات، فاللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل المؤمنين يا رب العالمين، اللهم فك أسر المأسورين من المسلمين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين واقضي الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.