الدكـــروري يكتب/ المؤمن القاعد الساكن

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، إن المؤمن الإيجابي المؤثر هو الذي قلبه حي ذو غيرة على المحارم، يحترق ويقلق لما يراه من أحوال المسلمين مع ربهم ودينهم يعني من تقصيرهم ويألم ويحزن لما يحل بهم من النكبات والمصائب، وهذا المؤمن لا يجد باب خير إلا ولجه ولا باب شر إلا حذر منه، كثير الدعاء بالغيب للمؤمنين أحياء وأمواتا، يعني خيره يصل إلى الأحياء وكذلك إلى الأموات، حريص على إيصال الخير لهم بأي وجه وعند أي مناسبة وفي الحديث “أحب العباد إلى الله أنفعهم لعباده” 

والحديث يطول في أوصاف ذلك المؤمن، المؤمن الحق كامل الإيمان الذي تحلى بالفضائل وسابق بالخيرات، أما المؤمن القاعد الساكن الذي لا يزيد في عمله على الفرائض ولا يكترث بما حوله ولا يشارك في إصلاح بيئته وأهله وحيه وعمله وبلده ولا يهتم بنصرة هذا الدين ولا خدمة أولياءه فهو عطل لا يطلب علما ولا يشتغل بدعوة ولا نسك ولا دعاء ولا يغار على محارم الله ولا يشارك في الإصلاح قد شغلته دنياه وغفلته عن حمل هذا الدين والتشرف بالذب عنه فهذا المؤمن وإن كان على خير إلا أنه فاتته الدرجات العلا والمنازل العليا بالجنة ومن كانت هذه حاله كان أقرب إلى الغفلة والمعصية وضعف الإيمان من غيره، وإن المؤمن إذا قدم على ربه ونظر كما جاء في الحديث الصحيح “فينظر أيمن منه و ينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم” 

فحينما ينظر في صحائف أعماله في ذلك الموقف سيحمد نفسه المؤمن المتفاعل المؤثر لما يرى من الخيرات العظيمة والأجور العميمة الكاملة فهذه كلمة ألقاها في مسجد، وهذه نصيحة ألقاها على أخيه وهذه شفاعة أداها إلى أحد المسلمين، وهذا إصلاح قام به في إصلاح أسرة أو امرأة ضلت عن الطريق وهذه كلمة حق قال بها في أمر أو نهي، وهذا درس علم ألقاه عند الطلاب في أحد المجالس وهذا درهم تصدق به، وهذا وهذا من الخيرات، وهذه كلمة طيبة قالها إلى أحد المنكوبين المأسوفين بحزن أو مصيبة وهذا تبسم في وجه إنسان وهذه كذلك كلمة دعوة قالها لأحد الكفار إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة والعبادات المتعدية، فإننا اليوم قد لا نشعر بهذا لا يشعر المؤمن في الدنيا إخواني في الله بالأعمال الصالحة التي يقدمها غالبا.

وإن كان الله عز وجل قد يعجل له الطيبة في الدنيا من الذكر الحسن والقبول الحسن بين إخوانه المؤمنين وقد ينفس له الكرب كما ورد ذلك في بعض الآثار، ولكنه لا يتحقق من عمله الصالح إلا إذا قدم على رب كريم ورأى في صحائف أعماله، أما المؤمن المقصر الساكن القاعد الذي قد ترك فضائل الأعمال وترك المشاركة في الإصلاح وترك نصرة هذا الدين فإن هذا المؤمن، وإن كان على خير، فإنه سيحزن أشد الحزن وسيأسف أشد الأسف حينما ينظر في صحائف أعماله فلا يجد إلا عملا يسيرا، وربما وجد أعمالا من السيئات ولذلك جاءت الآثار والأخبار بهذا أنه ما من قوم يجلسون مجلسا لا يذكر اسم الله فيه وفي رواية لا يصلون على النبي صلي الله عليه وسلم إلا وكان عليهم ذلك المجلس حسرة وندامة يوم القيامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى