واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد إنه هناك صفات كثيرة يتصف بها المتقون وإذا أختلت هذه الصفات اختلت حقيقة التقوى وتلك الصفات هي مستمدة من كتاب الله عزوجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنها القيام بأركان الإسلام والإيمان ” لأن الإحسان درجة أخص منهما وأعلى ولا يتم الأعلى إلا بعد أن يتم ما هو دونه فلا يتصور الإيمان بدون الإسلام ولا يتصور الإحسان دونهما والإحسان هو التقوى.

ومنها أيضا الوفاء بالوعد والعهد والصدق مع الله والناس، وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وكذلك كف الأذى عن المسلمين، والعدل في الغضب والرضى، وكظم الغيظ والعفو عن الناس والإحسان إليهم، وأيضا التوبة والاستغفار، وتعظيم شعائر الله تعالي وكذلك الصبر في البأساء والضراء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألا تأخذه في الله لومة لائم، وتجنب الشهوات والشبهات ومزالق الشيطان، فهذه أهم صفات المتقين وبمقدار تخلف هذه الصفات تقل تقواه وتضعف وقد يخرج من عداد المتقين، ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي ” اقرأ علي القرآن” قلت أقرأ عليك وعليك أُنزل، قال صلى الله عليه وسلم “إني أحب أن أسمعه من غيري” قال ابن مسعود فافتتحت سورة النساء حتى إذا بلغت قوله تبارك وتعالى. 

” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هؤلاء شهيدا ” والخطاب له صلى الله عليه وسلم، قال ابن مسعود فلما بلغت ذلك قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ” حسبك يا ابن مسعود” قال فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان، فهما تذرفان خوفا وخشية من الجبار، وتذرفان شفقة ورأفة بأمته، فيا أخي المسلم الكريم أما بكيت شوقا لله عز وجل، أما بكيت شوقا لله وسكنى جنته في جواره، أما بكيت خوفا من دخول النار والحرمان من رؤية القهار، فما في الجنة نعيم ألذ وأحلى وأعظم من رؤية الرحمن الرحيم، وما في النار عذاب أشد وأعظم من الحرمان من رؤية وجهه الكريم، فقال ابن عثيمين رحمه الله والله لو أن القلوب سليمة لتقطعت ألما ولتفطرت حزنا وهي تقرأ قول الله مخاطبا عباده ” واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين” 

وأي بشارة أعظم من لقاء الحبيب، فكل حبيب يشتاق إلى لقاء حبيبه، وقال صالح المري بلغني عن كعب الأحبار أنه كان يقول من بكى خشية من ذنب غُفر له، ومن بكى اشتياقا إلى الله أباحه النظر إليه تبارك وتعالى يراه متى شاء، وحدث عيسى المعلم عن ذادان أبي عمر قال بلغنا أنه من بكى خوفا من النار، أعاذه الله منها، ومن بكى شوقا إلى الجنة أسكنه الله إياها، فاللهم لا تحرمنا فضلك، وعن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول “لا تنسوا العظيمتين، لا تنسوا العظيمتين” قلنا وما العظيمتان؟ قال صلي الله عليه وسلم “الجنة والنار” قال فذكر سول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر ثم بكى حتى جرى أوائل دموعه جانبي لحيته ثم قال صلي الله عليه وسلم.

“والذي نفس محمد بيده لو علمتم ما أعلم من علم الآخرة لمشيتم إلى الصعيد ولحسيتم على رؤوسكم التراب” وفي حديث آخر يقول صلي الله عليه وسلم “والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله” فلما سمع أبو ذر هذا قال وددت أني كنت شجرة تعضد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى