سلطان الوهم .. بقلم: الزهرة العناق

“سلطان الوهم” ذلك الملك المتوج على عرش العقول، يزين العيون بما لا يرى، و يغذي القلوب بما لا يدرك. هو سيد الخيال، ينسج بخيوطه قصصا لا تنتهي، يرسم أمامنا طرقا لا وجود لها، و يغرقنا في بحور من السراب.
تتسع مملكة الوهم كلما خضع له الفكر، وكلما استسلمت له النفس. يخلق من كل رغبة قصرا مشيدا، ومن كل حلم قاربا مبحرا في محيط لا شاطئ له. ولكن ما أن نقترب من تلك القصور أو نبحر في تلك الموجات، حتى نكتشف أن ما نراه ليس إلا طيفا زائلا، ضوءا خافتا من شمعة وهمية سرعان ما تنطفئ.
سلطان الوهم يقودنا في رحلة لا تنتهي، نلهث وراء سرابه دون أن نصل، و نعود منه منهكين، لكننا نحمل في قلوبنا حكمة ثمينة: أن الواقع، بكل ثقله و بساطته، هو القصر الحقيقي، وأن سلطان الحقيقة، ولو بدا خافتا في بدايته، هو الذي يمنحنا الثبات والسلام.
و في نهاية المطاف، تبقى الحقيقة وحدها، وما سواها مجرد وهم يتلاشى كالدخان أو البخار. الوهم قد يسحرنا لحظة، لكنه لا يستطيع أن يمسك بنا أبدا. سلطان الوهم يسقط عند أقدام من يملك الشجاعة ليميز بين الخيال والواقع، ليختار العيش في ضوء الشمس بدلا من متابعة الظلال.