الزهرة العناق تكتب/ صنيع الأم

مهما قلت و مهما كتبت فحروفي الخرساء تركع أمام إسم الأم و لن توفيها حقها.
الأم هي الروح و نبض الحياة.
الأم هي ذلك الكيان الذي يختزل في حضوره كل معاني الحياة.
الأم هي رمز للحب الصافي الذي لا ينضب والتضحية التي لا تعرف حدود. لقد خلقت الأم لتكون مصدرا للأمان والحنان، تحمل في قلبها كل مشاعر الإنسانية
الأم هي التي حملتك في أحشائها تسعة أشهر، ولم تشتك يوما ألما أو تعبا. تحملت كل ما يتبع الحمل من صعوبات بروح مملوءة بالحب والحنان، وكأنها تزرع في كل لحظة بذور العطف والرعاية في قلبك الصغير. لم يكن الألم بالنسبة لها سوى دليلا على وجودك، ولم تكن الصعوبات إلا تأكيدا على قوة ارتباطها بك.
وعندما جئت إلى هذه الدنيا، لم تتوقف رحلة الأم عند حدود الحمل والولادة. بل استمرت في مشوارها الذي لا ينتهي. أرضعتك حولين كاملين، تغذي جسدك بروحها، تعطيك من صحتها وقوتها دون أن تمل أو تكل، رغم أن جرح الثديين كان يثقلها. لم يكن ذلك سوى جزء من تضحياتها و سعادتها، تعطيك من جسدها و روحها دون أن تطلب شيئا في المقابل.
الأم هي التي سهرت الليالي، وأنت في نوم عميق، راقبت أنفاسك و تابعت حركاتك، تأكدت من راحتك قبل راحتها، و غنت لك بأحلى الكلمات لتغفو في سلام.
الأم لم تكن تعرف الراحة إلا حين ترى ابتسامتك أو تسمع ضحكتك. سعادتك هي نور طريقها، والراحة التي تجدها في كل خطوة تخطوها.
الأم هي التي تنظم لك عالمك، ترتب حياتك، و تمنحك كل ما تحتاج إليه دون أن تطلب. الأم ليست مجرد شخص في المنزل، بل هي الروح التي تعطي للأسرة حياتها . بوجودها يصبح البيت دافئا، مليئا بالأمان والطمأنينة. و في غيابها يسود الظلام و تقل البركة. الأم هي التي تحمل همومك قبل أن تشعر بها، تعرف ما يفرحك وما يحزنك، و تفعل المستحيل لتجلب لك السعادة.
الأم هي التي تجسد لك عالما كاملا من الحب والرعاية و أنت طفل، تعلمك القيم والأخلاق من خلال أفعالها وليس فقط بكلماتها. الأم هي المدرسة الأولى التي تعلمت منها كيف تكون إنسانا. وفي شبابك، تصبح الأم مستشارة حكيمة، تنير لك الطريق و ترشدك بأفضل الطرق للتعامل مع الحياة. الأم هي التي تفهمك دون أن تتكلم، و تشعر بك دون أن تشتكي، وتظل هي الركبة التي تستند عليها في كل لحظة ضعف.
الأم هي النور الذي يضيء طريقنا في الظلام، وهي القوة التي تدفعنا للأمام عندما نكاد نفقد الأمل.
الأم هي أساس الأسرة، بدونها يفقد البيت روحه، وتصبح الأيام مجرد أيام. وجودها هو الذي يعطي لكل شيء في حياتك قيمة، ويجعل من كل لحظة ذكرى عزيزة. الأم هي التي تعطي الحب دون قيد شرط، و تبذل الجهد دون انتظار مقابل. الأم هي التي تستمد قوتها من ضعفك، و تجد في تعبها الراحة حين تراك سعيدا.
الأم ليست فقط من تحملت الألم والسهر من أجلك، بل هي من أعطتك الحياة نفسها، من خلال روحها و جسدها. الأم هي التي صنعت منك ما أنت عليه اليوم.
لنكرم أمهاتنا ليس مرة في العام بل في كل لحظة و كل يوم، و نفخر بكل لحظة قضيناها في رعايتهن، لأنهن هن الصانعون الحقيقيون للإنسانية والحياة بكل تفاصيلها و جمالها.