إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد إن من عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم هو موقفه مع عبد الله بن أبي رأس المنافقين الذي قال في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين في غزوة المريسيع عند المشلل ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قال الأول سمّن كلبك يأكلك، يقول هذا في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أيضا ظانا أن خزائن السماوات والأرض بيده ” لا تنفقوا علي من عند رسول الله حتي ينفضوا ”
ويقول أنتم الذين آويتموهم وأطعمتموهم فلا تنفقوا عليهم من أجل أن يتفرقوا عن بلادكم عن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبحثوا عن بلد آخر تؤويهم، ثم قذف النبي صلى الله عليه في عرضه في قصة الأفك ولم يترك سبلا في أذية الرسول صلى الله عليه إلا سلكه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما مات ذهب إلى قبره، وأعطى ابنه قميصه صلى الله عليه وسلم ليكفن به، وقام على قبره يستغفر له حتى نهاه الله عز وجل عن ذلك، ولما نهاه الله بقوله ” إن تستغفر لهم سبعين مره فلن يغفر الله لهم ” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر لهم لفعلت” أو كما قال عليه الصلاة والسلام وهذا في رجل لطالما آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآذى المؤمنين، فهو الذي أفَك الإفك وسعى به.
وتولى كبره، واتهم عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبشع تهمة، وقال أقبح القول، ومع ذلك يعفو عنه النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه، ويدفع قميصه لابنه ليكفن به، ثم يقوم على قبره يستغفر له، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم حاله، وهذا لا يفعله إلا القلوب الرحيمة الكبيرة الواسعة، وليس معنى ذلك تمييع قضية الولاء والبراء فهي أصل ثابت، لكن ينبغي أن نفرق بين أمرين بين شأن الولاء والبراء وبين حظ النفس، فالولاء والبراء ثابت في القلب، وأما النفس فدعها خلف ظهرك ولا تنتصر لها ولا تقف عندها فالكبار لا يليق بهم أن يدوروا حول أنفسهم، وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يقول رب أغفر لقومي فأنهم لا يعلمون” رواه البخاري ورواه مسلم.
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على إبن أخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا فقال عينه لابن أخيه يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه قال ابن عباس فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر رضي الله عنه فلما دخل عليه قال هيه يابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم به فقال له الحر يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول ” خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين” وان هذا من الجاهلين والله ماجا وزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله” رواه البخاري.