محمـــد الدكـــروري يكتب: أين أراه السائل عن الساعة؟

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث، فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال “أين أراه السائل عن الساعة؟” قال ها أنا يا رسول الله. 

قال “فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة” قال كيف إضاعتها؟ قال “إذا وسد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة” رواه البخاري، ولقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام جملة من العلامات والأمارات التي تدل على زوال هذه الدنيا وخرابها، وقد ذكر في هذا الحديث العظيم صورة من صور ضياع الأمانة التي هي دليل على علامة من علامات الساعة الصغرى، التي تدل على قرب نهاية هذه الدنيا، وزوالها، وهاهم أنبياء الله الكرام عليهم الصلاة والسلام يأتون إلى قومهم، ويدعونهم بدعوة موحدة، وبصفة محببة إلى قومهم وإلى الناس كلهم، ألا وهي صفة الأمانة، فهذا نوح وهود، وصالح وشعيب ولوط، كلهم يقولون لأقوامهم “إني لكم رسول أمين” ولقد كان نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، الذي عرف بالصادق الأمين قبل أن يأتيه الوحي من رب العالمين. 

يحث أمته على هذا الخلق العظيم، فيقول لهم مرغبا بها، ومرهبا من خلافها، وأن يكونوا من المؤتمنين، وروي عن عبد الرحمن بن أبي قراد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يوما فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم “ما يحملكم على هذا؟” قالوا حب الله ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “من سره أن يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله، فليصدق حديثه إذا حدث، وليؤدي أمانته إذا اؤتمن، وليحسن جوار من جاوره” رواه البيهقي، وروي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم” رواه احمد. 

وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أربع إذا كن فيك فلا عليك من الدنيا صدق الحديث، وحفظ الأمانة، وحسن الخلق، وعفة مطعم” وكما رغب النبي عليه الصلاة والسلام في الأمانة وحفظها، فقد حذر ورهب وتوعد من خانها وضيعها، بل وحكم عليه بالنفاق الخالص، والعياذ بالله، فروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر” رواه البخاري ومسلم، فاللهم إنا نشهد بأننا نحبك ونحب نبيك صلى الله عليه وسلم، فاللهم أرزقنا اتباعه، والتأسي به والإقتداء بهديه، الله لا تحرمنا شفاعته يوم العرض عليك، اللهم اجعلنا من زمرته، واجعلنا من أنصار دينه الداعين إلى سنته المتسكين بشرعه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى