الدكـــروري يكتب/ سقوط الشباب .. سقوط للمجتمع

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدينـ أما بعد قيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة، فقال اترك الغضب، لا تصحب من ساء خلقه، وهو الذي لا يملك نفسه عند الغضب والشهوة، وقد جمعه علقمة العطاردي رحمه الله تعالى في وصيته لإبنه لما حضرته الوفاة، قال يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا خدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإن قعدت بك مؤنة مانك، واصحب من إذا مددت يدك بخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها، واصحب من إذا قلت صدق قولك، وإن حاولت أمرا أمرك، وإن تنازعتما في شر آثرك.
وسئل الشعبي عن حسن الخلق قال البذلة والعطية والبشر الحسن، وسئل الحسن عن حسن الخلق فقال الكرم والبذلة والإحتمال، وقال مقاتل حسن الخلق بالتجاوز والصفح، فانظروا إلى هذا الأب الصالح والنبي الكريم سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام حينما حصل من أبنائه الذي حصل لم ييأس منهم، ولم يغلق أبواب الأمل والرجاء فيهم بعد ما حصل منهم من أخطاء متكررة وأفعال متعمدة، ولكنه قال لهم ” ولا تياسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ” فماذا كانت النتيجة؟ إنها كانت نتيجة إيجابية مشرقة ومشرفة، فالله الله في تربية الأولاد والإعتناء بهم، والخشية عليهم من الوقوع في الانحراف، فإن سقوط الشباب سقوط للمجتمع، وإنحرافهم إنحراف للجميع لأنهم عمدة المجتمع وركيزته الأساسية.
وإن من الوسائل التربوية للمحافظة على ثبات الأبناء وإستقامتهم هو أن يقوم الأب بتشجيع ابنه، ومحاولة كسبه، وتقديم الترغيب على الترهيب، وتغليب التشجيع على التحطيم، فإن ذلك أصلح للنفوس وأجدى لها ولهذا يذكر الله سبحانه وتعالى في أكثر الآيات الخير قبل الشر، والترغيب قبل الترهيب، ويقدم ذكر الجنة قبل ذكر النار، ويذكر المتقين قبل الفجار لأن النفوس جبلت على المحبة وحب الخير والوئام، وهذا هو المنهج الذي يجب على الآباء والمربين أن يسلكوه مع أبنائهم وطلابهم حفاظا على إستقامتهم، وتشجيعا لهم على الثبات والإستمرار على الخير والمداومة فيه، فيا أيها الآباء والمربون قد يحصل من بعض الأبناء أو الطلاب الإنحراف اليسير والخلل السهل الذي يحتاج فيه إلى التنبيه
والإشارة الخفيفة التي تناسب حجم هذا الخلل وتقوم بمعالجته بكل بساطة وهدوء، ولاداعي عند ذلك للضرب أو التشهير أو المحاسبة الدقيقة فإن البشر خطاء بطبيعته وواقع في الجهل والنسيان لا محالة، وهكذا الإنسان يمر في حياته بفترات عجز وتراجع وتخاذل، والسعيد من قام بعد سقوطه، وتراجع بعد تخاذله، ورجع إلى الحق والصواب بعد العجز والضعف، والهالك من ازداد سوء وهلاكا وضعفا وسقوطا، فاللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليّها ومولاها، اللهم إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.