الهجرة السرية .. مسؤولية مشتركة بين الحكومة والشعب

الزهرة العناق

 

الهجرة السرية باتت جرحا نازفا في مجتمعنا، تسلب منا أعز ما نملك، فلذات أكبادنا الذين يخاطرون بأرواحهم بحثا عن مستقبل أفضل. إنها معركة بين الأمل واليأس، بين الحياة والموت، حيث يقف الشباب على شاطئ الوطن، ينظرون إلى الأمواج المتلاطمة على أنها مخرج من واقعهم المرير، دون أن يدركوا أنهم قد يكونون في طريقهم إلى الهلاك.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل الهجرة السرية هي الحل الوحيد؟ 

أم أننا جميعا – حكومة وشعبا – نتحمل جزءا من المسؤولية في تهيئة بيئة تتيح لهؤلاء الشباب فرصا أسمى من مخاطرة أرواحهم بين الأمواج؟

دور الحكومة في التصدي للهجرة السرية

الحكومة، بصفتها الراعي الأكبر، تتحمل عبء البحث عن حلول مستدامة تعيد الأمل إلى قلوب الشباب وتحد من ظاهرة الهجرة السرية. لا يمكننا أن نغض الطرف عن دور التعليم في بناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات الحياة. إصلاح نظام التعليم ليواكب متطلبات سوق الشغل يعد خطوة أساسية، لأن التعليم الجيد يفتح أبواب الفرص ويمنح الشباب الثقة في المستقبل.

إلى جانب ذلك، يجب أن تولي الحكومة اهتماما أكبر بتنمية الاقتصاد المحلي، وخاصة في المناطق الريفية و المهمشة. توفير فرص الشغل وتحفيز الشباب على الابتكار وخلق المشاريع الصغيرة يمكن أن يكون الحل الأمثل للحد من البطالة التي تدفع العديد منهم للهجرة.

دور الشعب في الاحتضان والمسؤولية

ولكن المسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة وحدها. فالشعب أيضا مسؤول عن احتضان شبابه ودعمهم. الأسر، الجيران، والمجتمع ككل يجب أن يكونوا السند لهؤلاء الشباب، بتقديم الدعم المادي والمعنوي. لا يجب أن ننتظر حتى تصل الأمور إلى حد اليأس. علينا أن نتدخل في وقت مبكر، أن نسمع معاناتهم، وأن نوفر لهم بدائل حقيقية لبناء حياتهم داخل الوطن.

المسؤولية الاجتماعية تتطلب من الجميع العمل يدا بيد، سواء كان ذلك من خلال دعم المشاريع المحلية، أو تعزيز التكافل الاجتماعي، أو حتى المساهمة في توعية الشباب بمخاطر الهجرة السرية. إن احتضاننا لأبنائنا يبدأ من داخل منازلنا، بمشاركتهم آلامهم وآمالهم، ومنحهم الثقة بأن الوطن يملك الحلول. الوطن هو الأصل ، الوطن هو الحضن.

 نداء للتعاون والعمل المشترك

الهجرة السرية ليست قدرا محتوما، بل هي نتيجة غياب الفرص وفقدان الأمل. الحلول موجودة بين أيدينا، فقط إذا توحدت جهودنا كحكومة وشعب. لنضع يدا في يد، ولنبدأ في البحث عن حلول عملية ومستدامة تضمن لأبنائنا حياة كريمة داخل وطنهم. إذا كنا حقا نرغب في حماية أرواح بريئة من الغرق في ظلمات البحار، فعلينا أن نكون مسؤولين ونستشعر واجبنا أمام الله وأمام ضمائرنا.

كلنا مسؤولون عن مستقبل شبابنا، وعلينا أن نعمل جاهدين لإيجاد فرص عمل حقيقية ودعم التعليم وتطوير الاقتصاد، لنضمن لهم مستقبلا آمنا بين أحضان الوطن و ليس خارجه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى