الدكـــروري يكتب/ الإسلام منهج كامل لا تقطف ثماره إلا بأكمله

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، أما بعد إن الإسلام منهج كامل لا تقطف ثماره إلا إذا أخذ بكامله، فمن قال لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة، قيل وما حقها، قال أن تحجزه عن محارم الله، إذن مهما قلت لا إله إلا الله، وأنت غارق في المعاصي فلا جدوى من هذا النطق، فالأصل أن تلتزم، وهذه هي الشهادة، وكما أن الصوم عبادة.
لكن تحتاج إلى إلتزام كي نقطف ثمارها، وكذلك الصلاة، فالإنسان إن لم يستقم على أمر الله تعالي لم تنفعه صلاته، فصلاته يؤديها، ويسقط عنه الفرض، لكن لم ينتفع بها، ولم يقطف ثمارها، والدليل أن رجالا لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله يوم القيامة هباء منثورا، وأما عن الحج فإنه من وضع رجله في الركاب وقال لبيك اللهم لبيك، وكان ماله حراما، يناديه منادي أن لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك، وكذلك الزكاة وهذه أركان الإسلام الخمس، إن لم يصحبها إلتزام، إن لم تصحبها طاعة لله عز وجل، وإن لم يصحبها تقيد بدقائق الشرع لا تنفع، ولو تتبعنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، لوجدنا أن الإسلام كل لا يتجزأ، وأن الإسلام منهج كامل.
ولن نقطف ثماره لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا إذا أخذناه بكامله، أما أن ننتقي من الإسلام ما هو هين لين، وما فيه وجاهة وراحة، وندع ما هو قيد لنا، فهذا ليس من الدين في شيء، وإن كل مسلم غيور على دينه ووطنه، يمتعض حزنا ويعتصر ألما لما آلت إليه الأمور في مصر خاصة والعالم الاسلامى عامة لاسيما في الآونة الاخيرة، بما لم يكن أكثر الناس تشاؤما يتوقع ما آلت اليه الامور، فقد صارت الدول الإسلامية أفقر دول العالم، جيوشها هاوية خاوية من مظاهر القوة في أغلبها، وأما التي تتسم بشئ من القوة والمنعة فقد إنشغلت بأمور ليست من صميم عملها، لا تسمع عن شعوب تباد ولا طائفة ينكل بها الإ وهم مسلمون، يهان المسلمون في الغرب لمجرد كونهم مسلمون وتقيد حريتهم الدينية ويستهزأ بنبيهم محمد عليه الصلاة والسلام.
بل ويطهدون على أرضهم وفي وطنهم ويسامون بأنبز الالقاب، كل ذلك وأكثر هو حال المسلمون، الذين وسمهم الله بالخيرية المطلقة، كما قال تعالي ” كنتم خير أمة أخرجت للناس” وإن كنا بصدد إستبيان هذه النكسة الحضارية لخير أمة، من قيادة البشرية فيما يربوا على عشرة قرون وريادة الأمم في شتى المجالات خلال تلك الفترة بما لا ينكره حسود، فإنما هو بعدها عن دستور حياتها وسر مجدها، حيث قال تعالى ” ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ” ولفظة معيشة تشمل كل جوانب الحياة، والضنك إنما هو الضيق الشديد، بمثابة حصار وضيق في كل شيء بما لا يستطيع التفلت منه اللهم إلا بالعودة والأوبة، فهل واقع المسلمين اليوم خلاف ذلك؟
منذ سقوط الخلافة العثمانية وسيطرة الغرب على الدول الإسلامية وإنصرافها عن كتاب ربها، والأمة تعاني من حصار وضنك إقتصادي وسياسي، تحاول الفكاك منه، تركن تارة المناهج الشرقية الملحدة، وأخرى إلى الشرقية الكافرة وهكذا، ولكن هيهات هيهات، فإنه متى إبتعدت الأمة في أفرادها أو مجموعها عن كتاب ربها، قيد الله لها شيطانا إنسيّا أو جنيّا يغويها ويفتنها يحبب إليها الإنحراف والضلال ويبغض إليها النور والإيمان يبرر لها الفسوق والعصيان.