استهداف حزب الله وتفجيرات البيجر: دراسة في سياق الصراع اللبناني

استهداف حزب الله وتفجيرات البيجر: دراسة في سياق الصراع اللبناني
بقلم : دلال ندا
يشهد تاريخ لبنان سلسلة من الأحداث والصراعات التي شكلت ملامح المشهد السياسي والأمني للبلاد. من أبرز اللاعبين على الساحة اللبنانية هو حزب الله، الذي تأسس في أوائل الثمانينات كحركة مقاومة إسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكنه أصبح لاحقًا لاعبًا سياسيًا وعسكريًا ذو تأثير كبير في المنطقة. أحد الأحداث التي تبرز في تاريخ لبنان هو سلسلة التفجيرات والاغتيالات التي استخدمت فيها أجهزة “البيجر” لاستهداف شخصيات سياسية وعسكرية بارزة، ومن بينها محاولات استهداف أعضاء وقيادات في حزب الله.
تفجيرات البيجر
تعد تفجيرات “البيجر” من الأساليب التكتيكية المستخدمة في الاغتيالات خلال فترات معينة من الصراع اللبناني. جهاز “البيجر” كان أداة اتصال تُستخدم في العقود السابقة قبل انتشار الهواتف المحمولة، لكنها استُغلت كوسيلة مبتكرة في العمليات التفجيرية. تعتمد الفكرة على زرع متفجرات في السيارة أو بالقرب من الهدف، ثم يتم تفجيرها عن بُعد باستخدام إشارات تُرسل إلى البيجر، الذي تم تعديله ليعمل كمستقبل للتفجير.
كيف استُخدمت تفجيرات البيجر في لبنان؟ خلال الصراعات المستمرة في لبنان في فترة الثمانينات والتسعينات، كان هناك توجه لاستهداف الشخصيات القيادية والعسكرية باستخدام هذه الأساليب التكتيكية. من بين أبرز المستهدفين كانوا أعضاء في حزب الله، حيث رأى خصومهم أن اغتيال شخصيات قيادية قد يُضعف نفوذ الحزب ويؤثر على استمرارية العمليات التي يقودها ضد إسرائيل، إضافة إلى الصراعات الداخلية اللبنانية.
استهداف حزب الله: خلفيات ودوافع
استهداف حزب الله لم يكن فقط جزءًا من الصراع اللبناني الداخلي، بل كان أيضًا جزءًا من مواجهة إقليمية ودولية. الحزب يعتبر نفسه مقاومًا للاحتلال الإسرائيلي وللقوى التي تدعمه، مثل الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة. هذا الصراع الواسع جعل الحزب هدفًا ليس فقط للخصوم المحليين بل أيضًا لجهات استخباراتية دولية.
أسباب استهداف الحزب:
دور الحزب في الصراع مع إسرائيل: منذ تأسيسه، خاض حزب الله مواجهات عديدة مع الجيش الإسرائيلي، وأصبحت عملياته ضد الاحتلال محط أنظار الدول المعادية له.
التدخل الإقليمي: تأثير حزب الله في الحرب السورية ودعمه لنظام الأسد زاد من عدد خصومه الإقليميين.
الصراعات الداخلية اللبنانية: داخل لبنان، يرى بعض الأطراف في حزب الله قوة مؤثرة تعوق تحقيق مصالحهم السياسية والأمنية، مما دفعهم لمحاولات استهدافه.
تأثير التفجيرات على الحزب والمشهد اللبناني
رغم محاولات استهداف حزب الله وقياداته، إلا أن الحزب تمكن من الاستمرار بل والنمو بشكل أكبر. محاولات الاغتيال أظهرت قوة الحزب في التأقلم مع التحديات وتحصين نفسه ضد تلك الهجمات. بالإضافة إلى ذلك، هذه المحاولات فشلت في كسر نفوذ الحزب أو تقليص دوره الإقليمي والمحلي.
على المستوى اللبناني، زادت تلك التفجيرات من حالة عدم الاستقرار وأعادت طرح أسئلة حول مدى قدرة الأطراف اللبنانية على الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد بعيدًا عن التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية المسلحة.
إن استهداف حزب الله وتفجيرات البيجر يشكل جزءًا من تاريخ الصراع اللبناني المعقد، حيث تداخلت فيه الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية. هذا التاريخ الطويل من الاغتيالات والتفجيرات يعكس حالة التوتر السياسي والأمني التي يعيشها لبنان منذ عقود، والتي لا تزال تلقي بظلالها على المشهد الحالي. على الرغم من تلك التحديات، يظل حزب الله لاعبًا رئيسيًا في المعادلة السياسية اللبنانية، ومن الصعب تصور أي حل طويل الأمد للصراع في لبنان دون معالجة دوره ودوره في المنطقة.