الدكـــروري يكتب/ التواصل الإجتماعي وإلحاق الأذى بالنفس

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد، يشير مصطلح وسائل التواصل الإجتماعي إلى مواقع الإنترنت والتطبيقات التي يمكنك إستخدامها لمشاركة محتوى أنشأته، وتتيح لك وسائل التواصل الإجتماعي أيضا الرد على المحتوى الذي ينشره الآخرون، وقد يتضمن ذلك الصور أو النصوص أو التفاعلات أو التعليقات على منشورات الآخرين وروابط المعلومات، وتساعد المشاركة على الإنترنت عبر مواقع التواصل الإجتماعي الكثير من الأشخاص على البقاء على إتصال بالأصدقاء أو التواصل مع أشخاص جدد، وقد يكون ذلك أكثر أهمية للمراهقين مقارنة بالفئات العمرية الأخرى.
فالصداقات تساعد المراهقين على الشعور بالدعم وتؤدي دورا في تشكيل هويتهم، لذا، من الطبيعي أن نطرح أسئلة عن مدى تأثير إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي على المراهقين، وتمثل وسائل التواصل الإجتماعي جزءا كبيرا من الحياة اليومية للمراهقين، ولا تؤثر وسائل التواصل الإجتماعي في جميع المراهقين بالطريقة نفسها ويرتبط إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي بآثار صحية وغير صحية في الصحة العقلية وتختلف هذه الآثار من مراهق لآخر، وتعتمد آثار وسائل التواصل الإجتماعي في الصحة العقلية على عوامل مثل المحتوى الذي يشاهده والأنشطة التي يقوم بها عبر الإنترنت، ومقدار الوقت الذي يستغرقه عبر الإنترنت، وأيضا العوامل النفسية، مثل مستوى النضج وأي حالات مرتبطة بالصحة العقلية موجودة مسبقا.
وظروف الحياة الشخصية، بما في ذلك العوامل الثقافية والإجتماعية والإقتصادية، وتتيح وسائل التواصل الإجتماعي للشباب إمكانية إنشاء هويات عبر الإنترنت والدردشة مع الآخرين وتكوين شبكات إجتماعية ويمكن أن توفر هذه الشبكات فرصة للمراهقين للحصول على الدعم من أشخاص آخرين لديهم هوايات أو تجارب مشتركة وهذا النوع من الدعم خاصة قد يساعد المراهقين الذين يفتقدون إلى الدعم الإجتماعي في الواقع أو يشعرون بالوحدة، ويمرون بوقت عصيب ومسبب للتوتر، وينتمون إلى مجموعات تتعرض للتهميش عادة، مثل الأقليات العرقية ومجتمع الميم وذوي القدرات المختلفة، ويعانون من حالات مرضية طويلة الأجل، وأحيانا، تساعد وسائل التواصل الإجتماعي المراهقين على التعبير عما بداخلهم.
والتواصل مع مراهقين آخرين على النطاق المحلي ومن تفصلهم عنهم مسافات طويلة، وكذلك تعلم كيف يواجه المراهقون مواقف الحياة الصعبة وحالات الصحة العقلية، والإطلاع على منتديات الدردشة الخاضعة للإشراف أو المشاركة فيها، حيث تشجع على التحدث بصراحة عن موضوعات مثل الصحة العقلية، وطلب المساعدة أو الرعاية الصحية لأعراض حالات الصحة العقلية، وهذه التأثيرات الصحية لوسائل التواصل الإجتماعي يمكن أن تساعد المراهقين بشكل عام، وقد تساعد أيضا المراهقين المعرضين للإكتئاب على البقاء على تواصل مع الآخرين وقد يساعد المحتوى الفكاهي أو المسلي لوسائل التواصل الإجتماعي المراهق الذي يواجه صعوبات في التعامل مع يوم صعب.
وقد يسبب إستخدام وسائل التواصل الاجتماعي آثارا سلبية على بعض المراهقين، فقد تؤدي إلى التشتيت عن أداء الواجبات المنزلية وممارسة التمارين والمشاركة في الأنشطة العائلية، وتؤثر على جودة النوم، وتؤدي إلى معلومات منحازة أو غير صحيحة، وتصبح وسيلة لنشر الشائعات أو مشاركة معلومات شخصية أكثر مما ينبغي، وتؤدي ببعض المراهقين إلى تكوين آراء غير واقعية عن حياة الأخرين أو هيئتهم الجسدية، وكما أنها تعرّض بعض المراهقين لمحتالين على الإنترنت يمكن أن يحاولوا إستغلالهم أو إبتزازهم، وكما أنها تعرّض بعض المراهقين للتنمر الإلكتروني، ما قد يؤدي إلى زيادة إحتمالات التعرض لمشكلات الصحة العقلية كالقلق والإكتئاب، وعلاوة على ما تقدم، فإن أنواعا معينة من المحتوى المرتبط بخوض المخاطر والمنشورات أو التفاعلات السلبية على وسائل التواصل الاجتماعي ترتبط بإلحاق الأذى بالنفس، وربما الموت في حالات نادرة.