شعب النفاق تقابل شعب الإيمان .. الكاتب: محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم، ثم أما بعد إن من أنواع النفاق فهو النفاق العملي وهو أن يعمل بخصلة من خصال النفاق التي ذكرها النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، وهو مع ذلك يؤمن بالله واليوم الآخر، ويحب الإسلام ويعمل بأركانه، فهذا قد إرتكب معصية بوقوعه في هذه الخصلة من خصال النفاق العملي، ولا يكفّر بها، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر” رواه البخاري ومسلم ومعنى “إذا خاصم فجر” طلب أكثر من حقه، وادعى مام ليس له، أو لم يعطي ما عليه من الحق، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان” رواه مسلم، فهذه الخصال إذا فعلها المسلم وهو عامل بأركان الإسلام محب له فمعصيته نفاق عملي وليس بإعتقادي، وخصال النفاق العملي أكثر من هذه الخصال لأن شعب النفاق تقابل شعب الإيمان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق” رواه البخاري ومسلم.
وإذا لم ينزجر المسلم، ويكفّ عن خصال النفاق العملي ويتب إلى الله منها استحكمت فيه وربما جرّته إلى النفاق الاعتقاد، فإن الذنوب مهما عظمت ومهما كثرت فإنها في جانب رحمة الله مغفورة بالتوبة إلى الله تعالى، وقد فتح للمنافقين باب التوبة، وإن ابتليت بشيء من خصال النفاق فتب إلى الله تعالى وطهر نفسك قبل الممات، وادع الله تعالى أن يحفظك من النفاق وشعبه فإن الله تبارك وتعالى قريب مجيب، فمن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم إني أعوذ بك من النفاق والشقاق وسوء الأخلاق” وفي الدعاء ” اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وأعيننا من الخيانة” واعلموا إن عدم الوفاء بالقول ممقوت عند الله، فدل ذلك على وجوب الوفاء بالوعد، وإخلاف الوعد من صفات المنافقين.
ويحرم الإتصاف بصفاتهم، فأرجح القولين وجوب الوفاء بالوعد، وهو قول لبعض السلف، وقول في مذهب الإمام مالك، وقول لبعض الشافعية، ووجه في مذهب الإمام أحمد، وإختاره شيخ الإسلام، والشنقيطي، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، وبعض الناس يقرض شخصا مالا أو يبيع من غير شهود بناء على ثقته بالشخص، ثم بعد مطالبة الشخص، ينكر الذي عليه الحق ويقول لصاحب الحق اذهب وقدّم شكوى لأنه يعلم أنه إذا طلب للقضاء، سيطلب منه القاضي اليمين لعدم وجود البيّنة عند المدّعي، ولقلة دينه سوف يحلف بالله كاذبا، ففي هذه الحالة هل يجوز لمن جُحد حقه وليس له بينة عليه، فهل يجوز أن يأخذ حقه من غير رضا الجاحد وعلمه؟ وهذه المسألة يسميها الفقهاء “مسألة الظفر”
فأرجح القولين جواز أن يأخذ حقه سواء كان ثابتا بأصل الشرع، كنفقة الزوجة والأولاد، أو ثابتا بسبب المعاملة كالبيع لعموم قوله تعالى ” وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين”.