الزهرة العناق تكتب: ضريبة الإخلاص

 

ضريبة الإخلاص والوفاء تدفع مصرفة بألم حين تمنح لمن لا أصل لهم ولا أخلاق، أولئك الذين يتقنون فن التلون، يتنكرون في هيئة الأوفياء حتى إذا ما امتدت لهم اليد بحب خالص، سددوا طعنتهم في أعمق الجراح، تاركين القلب ينزف من جراح خيانة لا تندمل.

ما أثقل أن يكون الإخلاص مرآة يرى فيها الآخر عيوبه، وما أقسى أن يقابل الوفاء بالجحود، و كأن النقاء عيب، والصدق ضعف، كأن السعي وراء الحقيقة هو ضرب من الجنون. كلما مددت يدك بالوفاء، وجدتهم يبنون جدران الجفاء، وكلما حاولت أن تزرع بذور الثقة، اقتلعوها بظلمهم، متناسين أن تلك البذور كانت تحمل آمالك كلها.

ياله من شعور قاس حين تكتشف أن كلماتهم المزهرة لم تكن إلا زهورا مصطنعة، وأن ابتساماتهم لم تكن سوى أقنعة تتساقط مع أول اختبار للوفاء. تكتشف حينها أن كل محاولاتك للارتقاء بهم، و احتضانهم رغم ندوبهم، كانت مجرد خطوات في طريق الخيبة.

لكن الخيبة ليست فيهم، بل في قلبك الذي أصر على الإخلاص لمن لا يستحق، وآمن بمن لا أمانة لهم، وأحب من لا يعرفون معنى الحب. أحيانا تكون الضريبة درسا، تعلمك أن تغلف إخلاصك بوقاية مستعجلة من الوهم، وأن تحتفظ بوفائك لمن يستحقه، لا لمن يستهلكه كما يستهلك المارة يومياتهم دون اكتراث.

الوفاء ليس لكل من هب و دب ، و الإخلاص جوهرة لا تهدى إلا لمن يقدرها، حتى وإن بدا الطريق طويلا، النقاء في نهاية المطاف سيجد طريقه إلى القلوب التي تستحقه، مهما كانت الضريبة التي دفعتها في سبيله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى