اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة .. الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

 

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد يقول النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه النسائي ” إن الله سائل كل راعي عما إسترعاه حفظ أم ضيّع” والويل لمن أنيطت به مسؤولية الرعاية للأطفال وضّيع هذه المسؤولية، لأنه بتضييعه هذه المسؤولية يضّيع مسؤولية الحاضر ومسؤولية المستقبل، فيا أيها الآباء ويا أيها المسؤولون في رياض الأطفال وفي المساجد في كل البقاع وكل المساحات التي يكون هنالك فيها أطفال وأبناء، ولا فرق بين طفل وطفل بالنسبة لمسؤليتنا عنه، طفلك هو طفلي وطفلي هو طفلك. 

وطفل جارنا طفلنا وطفل في المدرسة هنا في جانب الجامع هو طفلنا لا فرق بالشعور بالمسؤولية عن طفلي بشكل مباشر أو عن طفل آخر لأن النتيجة هي أن الأطفال هؤلاء هم أطفالنا وهم مستقبلنا جميعا، فيا أيها الآباء، ويا أيها المسؤولون إن من حقوق الطفل عليك أن تختار له أما صالحة، ولكن هل نحن نقوم بالسؤال عن الأسرة الصالحة ناظرين إلى الطفل الذي سيكون من أجل أن يكون طفلا سعيدا مسعدا في مجتمعه الذي نعيش فيه، أم أن معيارنا في إختيار هذه الأم لهذا الطفل لا يراعى فيه معيار الصلاح ومعيار التقوى، بل إننا نراعي اليوم معيار الجمال والشكل والمادة لا أكثر ولا أقل، ولذلك فنحن خائفون من مستقبل مادي طاغي وهذا ما نراه وللأسف الشديد. 

إنتحارات، وعدم أمن، وضياع للحقوق، وقتل وسلب وتشريد وأنتم ترون ذلك ونحن نرى ذلك وهذا ما نعيشه في مجتمعنا وذلك بما كسبت أيدينا ويعف عن كثير، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الدارقطني “اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة” ويقول صلى الله عليه وسلم كما يروي ابن عدي بسند حسن ” تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن” وإن من أول الحقوق للطفل عليك أن تختار له الأم الصالحة العفيفة الطاهرة الراحمة، الأم التي تسعى من أجل أن تكون أما بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، رعاية وعناية وحبا ووفاء وودا وإحتضانا ورحمة وكل الصفات التي يجب أن تصب في مصب هذه الأم، وإن من الحقوق ان تنفقوا عليهم بسخاء وعلموهم أثناء الإنفاق عدم الإسراف.

وانفقوا عليهم حتى تروهم ويروا منكم أنكم لستم مقصرين في الميدان المادي لأن آباء كثيرين غدوا بالنسبة لأولادهم موجهين في المجالات المجانية حتى إذا اقتضى التوجيه عطاء ماديا رأيت بعض الآباء يعرضون عن هذا الأمر إعراضا رائحته البخل والشح، فأنفقوا عليهم بسخاء ولا تفهموا أنني حينما أقول أنفقوا عليهم بسخاء أن تعطوهم أموالا من أجل أن يستهلكوها فيما لا طائل منه، لا، بل أنفقوا عليهم بسخاء من أجل أن يتعلموا، وأنفقوا عليهم بسخاء من أجل أن يكونوا شجعانا وأنفقوا عليهم بسخاء من أجل أن يكونوا علماء، وأنفقوا عليهم بسخاء هذا الإنفاق بسخاء ينبغي أن يكون من أجل تنمية الصفات التي نريد أن تكون صفاتهم وأن تكون سماتهم وأن تكون أخلاقهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى