رأفة بأطفالكم .. بقلم/ الزهرة العناق

رأفة بأطفالكم، لا تجعلوا صراخكم سلاحا يفتك ببراءتهم، ولا تسمحوا لكلماتكم الجارحة أن تكون سياطا تلهب أرواحهم الصغيرة.
إنهم بذور المستقبل، و النبتة التي تستحق أن تروى بالحب و الحنان، وليس بالقسوة و التوبيخ. في كل مرة ترتفع فيها أصواتكم بالصراخ، تغلق نوافذ قلوبهم على خوف يلتهم سعادتهم، وكل كلمة قاسية تزرعونها فيهم، تترك جرحا قد لا تلتئم آثاره أبدا.
أطفالكم ليسوا مجرد كائنات صغيرة تنفذ أوامركم أو تحقق رغباتكم. إنهم أرواح تبحث عن الأمان، عيون تترقب إشارات الحب، و قلوب تتغذى على كل كلمة دافئة، وكل لمسة حنان. فكيف نقتل هذه الأرواح بسلطتنا، و نحرمها من أبسط حقوقها في الأمان والحب؟ قد تظنون أن الضرب و التوبيخ هم أنجع الأساليب لتعليمهم، لكن في الحقيقة، هي أدوات للهدم، تحطم ثقتهم بأنفسهم، وتزرع فيهم شعورا بأنهم غير مرغوبين أو غير كافيين.
السلطة التي تفرضونها عليهم دون حوار أو تفهم، تحول علاقتكم بهم إلى سجن من الخوف، بدلا من أن تكون ملاذا للأمان والدفء. والأوامر المتكررة دون شرح أو نقاش تصيبهم بالعجز، وتجعلهم يتعلمون الطاعة العمياء بدلا من التفكير والابتكار. لا تبعدوا أنفسكم عنهم بحجة الانشغال أو الأعباء، فهم بحاجة لكم أكثر مما تتصورون، بحاجة إلى من يسمع أحلامهم الصغيرة، وإلى من يرشدهم بلطف حين يخطئون.
كل لحظة نقضيها بعيدا عنهم، هي لحظة نفقد فيها فرصة لملء قلوبهم بالحب والطمأنينة، وكل مرة نختار فيها الصراخ أو الضرب، نختار أن نكون جدرانا بدلا من أن نكون أداة وصل نكون أداة فصل. إنهم يحتاجون إلى يد تربت على أكتافهم حين يخافون، وإلى صوت يرشدهم بلطف حين يتوهون، لا إلى صوت يصرخ أو يد تبطش.
لنتعلم أن نكون أكثر رأفة بأطفالنا، أن نقدم لهم الحب دون شروط، وأن نكون معهم في كل خطوة، نرشدهم بلطف، ونستمع إليهم بصدق. فهم اليوم أطفالنا، وغدا سيكونون هم من يشكلون العالم، وما نزرعه فيهم اليوم من حب وحنان، سنجنيه غدا في صورة أجيال قادرة على العطاء والتسامح.
لنكن نحن القدوة، لنظهر لهم أن الحب هو اللغة الأقوى، وأن اللين هو الطريق الأقصر للوصول إلى قلوبهم.