جرائم لا يعاقب عليها القانون.

رغم تنوع العقوبات في القانون المصري من إعدام وسجن وحبس وغرامة إلا أن هناك جرائم تقع فى مجتمعنا بلا رادع ولا عقوبة، بالرغم من أن المجتمع يلفظها ويرتكبها إلا أنها بلا تشريع، ولا عقوبة فى القانون المصرى، فما هي تلك النوعية من الجرائم التي تمس أفراد المجتمع ويترتب عليها مساس بالمجتمع ذاته, من حيث تشكيل صورته, فمن بين تلك الجرائم هي:-
1- جرائم السحر والشعوذة، حيث لم يتطرق قانون العقوبات المصري لهذا النوع من الجرائم بوصفها تضمن أعمالا للسحر والشعوذة، ولكن يمكن اعتبار تلك الأعمال مشكلة لإرتكاب جريمة النصب، طبقا لنص المادة ٣٣٦ من قانون العقوبات المصري، ويكون العقاب فيها الحبس لمدة ٣ سنوات مع الشغل والنفاذ.
2- الجريمة التي تقع دفاعا عن النفس, حيث نصت المادة 61 عقوبات ” أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ولم يكن لإرادته دخل في حلوله ولا في قدرته منعه بطريقة أخرى. ومن أمثلة ذلك رجل الأمن في حالة ارتكابه الفعل المجرم في أصله دفاعا عن النفس.
3- الجريمة التي تقع من المضطرب نفسيًا ، حيث لا يسأل جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار, أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أياً كان نوعها إذا أخذها قهراً عنه أو على غير علم منه بها. ويظل مسئولاً جنائياً الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره, وتأخذ المحكمة في اعتبارها هذا الظرف عند تحديد مدة العقوبة.
4- الإهمال الأسرى , حيث أن قانون الطفل المصرى رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008، لم يجرم عقوبة إهمال الأسرة فى حق أطفالها، واكتفى فى مادته الثامنة بمعاقبة كل من يرتكب انتهاك فى حق الطفل بالحبس من 6 أشهر وحتى 3 سنوات، وفى حالة وفاة الطفل بسبب الإهمال الأسرى يحرر محضر إدارى، ويحفظ لمراعاة مشاعر الأب والأم الذين فقدا طفلهما، ولا يوجد مادة صريحة فى القانون تجرم إهمال الأسرة فى حق أطفالها.
5- العنف داخل الأسرة ، التى لا عقاب لها فى القانون المصرى بالرغم من كونها تجرم دوليا هى جريمة “العنف الأسرى”، أو الاعتداء على المرأة أو إكراهها على الزواج، حيث أن العنف الأسرى مشكلة رئيسة فى مصر، والقانون لا يجرمه إلا أنه من الممكن التقدم بشكوى الاعتداء الجسدى، ويشترط هذا النوع من الشكاوى وجود شهود عيان، وصعوبة تحقيق ذلك، يجعل التبليغ أمراً نادرا، كما أن الشرطة غالباً ما تتعامل مع قضايا العنف الأسرى على أنّها قضايا اجتماعية وليس جنائية ويظل العنف داخل الأسرة أمراً عائلياً بحتاً، ولا يتمّ التبليغ عن معظم حالاته، والقانون المصرى لم يحدد فى مواده أى نص يجرم العنف داخل الأسرة، ولكنه استغنى عن ذلك بنصوص مواد الاعتداء والضرب والعاهة المستديمة وذلك فى وجود شهود أو اذا بلغ الطفل السن القانونى “فى حاله الاعتداء عليه” .
6- تبادل الزوجات, ” زنا بالتراضى”، وبحسب مواد قانون العقوبات فإن النيابة العامة لا توجه للمتهمين فى تلك الحالة إلا أفعال نشر إعلانات خادشة للحياء، وتحريض على الفسق والفجور، والدعوة لممارسة الدعارة، واعتياد ممارستها، ومع تلك الاتهامات ومواد القانون ورغم اعترافهم بالزنا لم يتهموا بالزنا، لأن الزوج والزوجة راضين بالجريمة، ثم أن الاتهامات التي توجه لهم في تلك الحالة عقوبتها طبقًا للمادتين 269 و278 من شهر إلى سنة سجن.
7- الامتناع عن علاج المريض, وكل ما يمكن توقيعه من عقاب في هذه الحالة من الجريمة محاسبة الطبيب لمخالفته آداب مهنته أو لامتناعه عن علاج مريض، إلا أن ذلك يمثل جريمة مكتملة الأركان تستوجب المسئولية الجنائية، ويتمثل الركن المادى فى فعل الامتناع عن استقبال المريض أو امتناع الطبيب عن علاجه أو مساعدته بشرط أن يكون المريض فى حالة خطر حقيقى وثابت، ويتطلب تدخلا مباشرا من الطبيب، فعليه تقديم الرعاية المطلوبة بغض النظر عن النتيجة، والركن المعنوى لهذه الجريمة أن يكون الامتناع عمديا بمعنى أن يعلم الطبيب بالخطر، ويمتنع بإرادته عن تقديم المساعدة.
8- ووفقا للباب السابع من قانون العقوبات والذى يتضمن أسباب الإباحة وموانع العقاب الجرائم التي ترتكب بنية سليمة ونصت المادة 60 على أنه لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة.
دكتور محمد عويان المحامي
01004820476