آفة العصر .. الكاتبة/ الزهرة العناق

آفة العصر حماقة تستحق الرثاء
في زمن أرهقته السطحية، واعتلى فيه الجهل عرش الإدراك، انتشرت الحماقة وغدت صنوا للتيه، لا دواء لها.إنها آفة التفاهة و قلة الذوق و العقول المتحجرة، معضلة تختبئ وراء شاشات باهرة، وتتمدد بين كلمات فارغة.
ما أشد الأسى حين تستبدل الحكمة بالسذاجة، ويستبدل التروي بالاندفاع ! كأن العقول اختارت الركون إلى الكسل، فغدت الأفكار تسبح في دائرة مفرغة، بلا عمق ولا أركان. والنتيجة هي أرواح تائهة في فضاء يعج بالمظاهر، تتهافت على التفاهة، وتنزلق خلف وهم عابر.
إنها حماقة تستحق الرثاء، لا من باب الشفقة، بل لأن الناس لا يدركون أنهم يغرقون، في بحر بلا قرار، ولا شاطئ للخلاص. وما يزيد الألم أن هذه الحماقة لم تعد حالة فردية بل أصبحت عدوى اجتماعية، تنتقل عبر الأحاديث اليومية والتصرفات العابرة، حتى باتت جزءا من منظومة الحياة.
ليس الخطر في الحماقة في حد ذاتها، بل في العناد على الجهل، وفي الفخر بها. ترى أحدهم يسارع في إطلاق الأحكام، ويرى في رأيه مرجعية مطلقة، كأن الحكمة ولدت من كلماته. وما أشدها نكبة حين تبارك المجتمعات تلك الأصوات الجوفاء، وتمنحها مكانة تحسد عليها!
الحماقة ليست مجرد خطأ عابر، بل هي طمس للعقل، وهي أسوأ حين تزخرف بثوب التباهي. لنرث هذا الزمن لا لأن الحماقة فيه موجودة، بل لأنها باتت مقبولة، يصفق لها الجمهور، وتزينها شعارات الحداثة.
لنصحو من هذا التيه قبل أن يتعمق الشرخ. وليكن في الصمت حين يعلو الضجيج حكمة، وفي الترفع عن السخف فطنة. فما أضيق الحياة حين تساق العقول وراء السراب، وما أوسعها حين يكون العقل سيد الموقف، و التروي سفينة النجاة.