الزهرة العناق تكتب : إلى العقول العقيمة

الإنسان الحق ليس بمظهره أو بما يلبس من قشور، بل بما يخفي في قلبه من نور. فمن عاش بلا ضمير، كأنما حمل روحا فارغة من القيم ، لا تعرف من الرحمة شيئا، ولا تجد في طريقها إلا الخراب.
أي قيمة لإنسان يسير بين الناس، يظهر ودا في العلن و يضمر الكراهية في السر؟
كيف يهنأ قلبه وهو يهدم ما بناه غيره، لا لشيء إلا لأن الحسد أعمى بصيرته؟
أو لم يعلم أن الظالم مهما علا، فإن سقوطه محتوم؟ وأن يد الله فوق كل يد، تعيد الحقوق إلى أهلها ولو بعد حين؟
أيها الإنسان الغارق في ظلمات الحقد، أما علمت أن الكراهية نار تأكل قلب صاحبها قبل أن تمس غيره؟
من ذا الذي طمس بصيرتك، فجعلت هدفك تدمير غيرك لا لشيء إلا لأنك تكرهه؟
ألا تخشى يوما تقف فيه بين يدي الله، بلا حجة ولا عذر، تحمل على ظهرك أوزار ما صنعت يداك؟
قف لحظة مع نفسك وراجع صحيفتك قبل فوات الأوان!
فالجبروت الذي تتوهمه ما هو إلا وهم زائل، وكل سعيك لهدم حياة الآخرين سيعود عليك أضعافا مضاعفة، ولو بعد حين. كم من ظالم نام مطمئنا على فراشه، ليوقظه البلاء في لحظة لم تخطر له على بال!
أتظن أن عين الله غافلة عن ظلمك، أو أن الحق يموت لأنك أردت ذلك؟ لا و الله إنك لمغفل و في طغيانك تعمه.
يا من دفن ضميره في التراب، إنك تبني قبرك كل يوم بيديك، حجرا فوق حجر، حتى لا يبقى لك من الحياة إلا سواد لا فجر له.
تذكر، كل جرح أحدثته في صدر غيرك سيشهد عليك، وكل دمعة أسلتها من عين بريئة ستلاحقك كظلك. وإن فاتك عدل الدنيا، فلن يفوتك عدل السماء، وما أشده حين يأتي!
الحياة ليست ساحة حرب، ولا النجاة فيها لمن يطعن أكثر. النجاة هي لمن ينقذ قلبه من سم الحقد، ويرد الشر بالخير، لا ضعفا، بل يقينا بأن الله يمهل ولا يهمل. كن رفيقا بغيرك، فالنهايات لا تعرف إلا ميزان الحق، ومن كانت خاتمته بلا ضمير، هلك وإن ظن أنه انتصر.
أيها الإنسان، اعلم أن من خذل أخاه أو تآمر على جاره، فإنما هدم بيته بيده دون أن يدري. وإن أطفأت نور غيرك، فلن يزهر ظلامك يوما.
القلوب التي تجرحها اليوم ستشهد عليك غدا. والخطايا التي تختبئ خلفها ستتبعك كظلك، حتى تلاقي بها ربا لا تخفى عليه خافية.
أخيرا وليس آخرا ، إن الحياة أقصر من أن نملأها بالكراهية، وأعظم من أن نضيعها في مطاردة الآخرين. كن أنت نورا لمن حولك، ولو كانوا في ظلام. فالنفوس الخيرة تترك أثرا لا يمحى، أما القلوب السوداء، فتموت مرتين؛ مرة في الدنيا، ومرة في الآخرة.