لا تمنع منه القصور ولا يقبل الرشوة .. الكاتب/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين أما بعد قيل أن ملك الموت دخل على نبي الله داود عليه السلام فقال “من أنت؟ فقال ملك الموت أنا من لا يهاب الملوك، ولا تمنع منه القصور، ولا يقبل الرشوة، قال فإذا أنت ملك الموت، قال نعم، قال أتيتني ولم أستعد بعد، قال يا داود أين فلان قريبك؟ أين فلان جارك؟ فقال داود عليه السلام قد ماتوا، قال أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد؟ وإنها لغفلة عظيمة أن يسير الإنسان منا في هذه الدنيا، ولسان فعله أنه سيعمر ما شاء الله أن يعمر.

دون أن يفكر في الموت وسكرته ومباغتته للإنسان وفجأته، فكم ودعنا من حبيب وكم دفنا من قريب؟ وكان قبل ذلك بيننا يلهو ويمرح، دفناه بأيدينا ونفضنا التراب منها ونسينا، وعدنا إلى الدنيا وإنشغلنا بها وكأن الأمر لا يعنينا، اليوم يموت هذا، وغدا تموت أنت، نعم أنت أنت، فهل إتعظنا ورجعنا إلى أنفسنا وحاسبناها، ورجعنا إلى ربنا ومولانا فاستغفرنا وأنبنا، وإنه لمن المؤسف أن نغفل عن الموت وفجأته، ونحن نسمع أخباره، ونرى كل يوم آثاره، نراه يتخطف القريب والبعيد، فيسقط بعضهم بسكتة قلبية، فتتوقف الجوارح عن الحركة والقلب عن النبض، وبعدها يحصل الموت في تلك اللحظة، ولا يستطيع أحد أن يعالجه، أو يستدعي له الأطباء لحصول تلك السكتة بغتة بدون مقدمات آلام أو أمراض. 

ويأتي الموت البعض الآخر في حوادث مرورية، فيحصل بسببها موت العديد من الأفراد والجماعات، وأحيانا يأتي موت الفجأة بالجلطات الدماغية، وأحيانا بالقتل المفاجيء وما أكثره في زمننا، وأحيانا بالزلازل والفيضانات، وغير ذلك مما نراه ونشاهده، وإذا كان الحال كذلك والموت بإنتظارنا في أي لحظة فما عسانا أن نفعل، وهل نحن له مستعدون، وموت الفجأة لا يذم ولا يمدح، فقد يكون رحمة للمؤمن الطائع كما يكون عقوبة على الكافر والفاجر، فمن كان مستعدا للموت كل حين بالإيمان والعمل الصالح فإن موت الفجأة رحمة في حقه، وتخفيف عليه ومن كان متثاقلا عن الطاعات، مسارعا إلى المحرمات فإن موت الفجأة نقمة عليه وعذاب في حقه.

لأن الميت يبعث يوم القيامة على ما مات عليه ولأنه لا يتمكن من التوبة، ومن أداء ما عليه من الحقوق ولذا كان موت الفجأة كأخذة الغضب، وجاء في حديث عند أبي داود عن عبيد بن خالد السلمي ” موت الفجأة أخذه آسف” أي غضبان، وقال النخعي رحمه الله تعالى إن كانوا ليكرهون أخذة كأخذة الأسف، وروى الإمام الترمذي وغيره أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه، قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما رأيت منظرا قط إلا القبر أفظع منه” .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى