الدكـــروري يكتب: كلمة تغلق أبواب الشر وتحفظ المودة

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن الكلمة الطيبة هي سبيل صلاح الأعمال ومغفرة الذنوب، حيث قال شيخ الإسلام ابن كثير رحمه الله تعالي ” يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنون بتقواه وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه وأن يقولوا قولا سديدا أي مستقيما لا إعوجاج فيه ولا إنحراف ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم أي يوفقهم للأعمال الصالحة وأن يغفر لهم ذنوبهم الماضية وما قد يقع في المستقبل يلهمهم التوبة منه” وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام”
وكما أن الكلمة هى وقاية لصاحبها من النار، فعن عدي بن حاتمٍ رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” اتقوا النار، ثم أعرض وأشاح، ثم قال اتقوا النار، ثم أعرض واشاح ثلاثا حتي ظننا أنه ينظر إليها ثم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة” رواه البخاري، وكما أن الكلمة سببا في دخول الجنة، أما الكلمة الخبيثة، فما أقبحها من كلمة، فهي تسبب الفرقة والتنافر بين أبناء الدين الواحد وأبناء الوطن الواحد، فبسببها تتقطع الأرحام، ويسوء الجوار وتتفكك الروابط والعلاقات، فقال تعالى ” ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثه اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار” فهي لو اختلطت بماء البحر كله لعكرت صفوه، ولغيرت طعمه، وريحه ولونه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت.
” يا رسول الله إن صفية امرأة وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزجته” فهي كل كلمة قيلت في الشر، وكانت عنوان للأخلاق السيئة، وهي الكلمة التي تفرق ولا تجمع وهي الكلمة التي تفسد ولا تصلح وهي الكلمة التي تهدم ولا تبنى، وهي الكلمة التي تبعد عن الله تعالي ولا تقرب وهي الكلمة التي تضر السامع وتنفر القلب وتحدث أثرا سيئا في نفوس الآخرين، وهي التي تفتح أبواب الشر، وتغلق أبواب الخير، وإن الكلمة في الإسلام ليست حركات يؤديها المرء دون شعور يتبعها بل هي أمانة، والإنضباط فيها من أهم ما دعا إليه الإسلام حيث قال الله تعالى ” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن” وعلى الجانب الآخر حث الإسلام على التثبت مما يطرأ على سمعنا من الأخبار.
ولا شك أننا في هذه الأوقات التي ذاع فيها كثير من قول الزور وأصبحت الإشاعات حيلة لكثير من الناس أحوج ما نكون إلى التثبت مما نسمعه، وإن الكلمات لا تتفاضل بكثرتها بل تتفاضل بحسنها وبأثارها، فقد ترفع صاحبها أعلى الدرجات، وقد تهوي به في النار دركات، فالكلمة الطيبة ما أحسنها وما أجملها كشجرة وراقة يانعة مثمرة، ضربت في باطن الأرض جذورها وتمددت في الأفاق فروعها وأغصانها، فهي تثمر الخير وهى دليل على طيب المنبت وسلامة النفس وكمال العقل ونضوج الفكر، والشجرة الطيبة المذكورة في الآيات القرآنية ” كشجرة طيبة ” هي كل كلمة قيلت في الخير وكانت عنوانا للأخلاق الحميدة وهي الكلمة التي تجمع ولا تفرق وهي الكلمة التي تصلح ولا تفسد، وهي الكلمة التي تبنى ولا تهدم.
وهي الكلمة التي تقرب إلى الله تعالي ولا تبعد وهي الكلمة التي تسر السامع وتؤلف القلب وتحدث أثرا طيبا في نفوس الآخرين، وهي التي تفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر وتحفظ المودة، وتديم الصحبة، فهي من علامات الإسلام، وهى من علامات الإيمان، وهى من الصدقات، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” والكلمة الطيبة صدقة”.