رسول الله يدعوا إلي بيعة الرضوان .. الكاتب / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين مصرف الأمور، ومقدر المقدور “يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، أما بعد في صلح الحديبه عندما رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل غثمان بن عفان وأمره أن يخبرهم بأنه لم يأتي لقتال، وإنما جاءوا عمارا، ولكن عثمان رضي الله عنه إحتبسته قريش فتأخر في الرجوع إلى المسلمين، فخاف الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم عليه، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل.

فدعا إلى البيعة، فتبادروا إليه، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، وهذه هي بيعة الرضوان التي نزل فيها قول الله تعالى في سورة الفتح ” لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وآثابهم فتحا قريبا ” وأرسلت قريش عروة بن مسعود للتفاوض مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أرسلت سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وسلم قال قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فتكلم سهيل طويلا ثم إتفقا على قواعد الصلح، وقد روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ يملي شروط الصلح، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يكتب، فأملاه النبي صلى الله عليه وسلم ” بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل أما الرحمن فوالله لا ندري ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم. 

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّا فكتبها كذلك، ثم أملى صلى الله عليه وسلم، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، فقال سهيل لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فوافق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب محمد بن عبد الله” وأسفرت المفاوضات عن اتفاق سُمّي في التاريخ والسيرة صلحا، يقضي بأن تكون هناك هدنة بين الطرفين لمدة عشر سنوات، وأن يرجع المسلمون إلى المدينة هذا العام فلا يقضوا العمرة إلا العام القادم، وأن يرد محمد صلى الله عليه وسلم من يأتي إليه من قريش مسلما دون علم أهله، وألا ترد قريش من يأتيها مرتدا، وأن من أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه، ومن أراد أن يدخل في عهد محمد صلى الله عليه وسلم من غير قريش دخل فيه. 

وبينما هم كذلك إذ دخل عليهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو في قيوده وألقى بنفسه بين المسلمين، فقال سهيل هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي، فأعاده النبي صلى الله عليه وسلم للمشركين، فقال أبو جندل يا معشر المسلمين أَأرد إلى المشركين يفتنونني في ديني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “إنا عقدنا بيننا وبين القوم عهدا، وإنا لا نغدر بهم” ثم طمأنه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ” يا أبا جندل إصبر وإحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا” ووافق الرسول صلى الله عليه وسلم على شروط المعاهدة، التي بدا للبعض أن فيها إجحافا وذلا للمسلمين، ومنهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم “ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟

قال صلى الله عليه وسلم بلى، فقال فلما نعط الدنية في ديننا إذن؟” لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مدركا وموقنا أن هذا الصلح سيكون فاتحة خير وبركة على المسلمين بعد ذلك، ثم إنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدا المدينة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى