حكم تصرف المجنون والمعتوه .

باستطلاعنا لنصوص القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 تبين أن المشرع فرق بين حالتين لتصرف المجنون والمعتوه وهما حالة صدور التصرف قبل تسجيل قرار الحجر أم بعد تسجيل قرار الحجر.
ولكن يدور تسأولنا قبل عرضنا لنص القانون والمتعلق بحكم تصرف المجنون والمعتوه , فإذا كان معلوم بالضرورة أن التسجيل يبتر حالة الجهل بالنسبة للغير ويمتنع عليه الاحتجاج بعدم العلم لكن ماذا لو أن التصرف كان قبل قرار الحجر هذا هو التسأول ؟ والإجابة عليه واضحة كما بينها المشرع بنص القانون وإليكم النص كالتالي:-
حيث نصت المـادة 114: 1) يقع باطلا تصرف المجنون والمعتوه إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر.2) أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الأخر على بينه منها.
ولبيان معنى الجنون والعته الذي قصده المشرع إليكم المقصود بهذه المعاني كالتالي :-
فالجنون/ هو مرض عقلي يصيب الشخص فيعدمه الإداراك والتمييز. وهو اختلال في وظائف العقل منه ما خلق به المرء وهو ما نسميه (مجنون) وهذا ليس له علاج.
أما العته/ فهو عبارة عن آفة ناشئة عن الذات توجب خللا في العقل فيصير صاحبه مختلط العقل, فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء وبعضه كلام المجانين, بخلاف السفه, فإنه لا يشابه المجنون لكن تعتريه خفة, إما فرحا وإما غضبا.
ولكن هل الحكم الوارد في حالتي الجنون والعته ينطبق على حالتي الغفلة والسفه , أم أن الحكم مختلف :-
قبل التعرض للنص القانوني وبيان الحكم بالنسبة لتصرف السفيه وذي الغفلة إليكم بيان معنى السفه والغفلة كما قصده المشرع كالتالي:-
السفيه/ هو من يبذر ماله ويصرفه في غير موضعه الصحيح بما لا يتفق مع الحكمة والشرع.
الغفلة/غيبة الشئ عن بال الإنسان وعدم تذكره له,والغفلة عن الشئ نسيانه وإهماله,والإعراض عنه.
أما عن حكم تصرف السفيه وذي الغفلة كما نصت المادة 115: 1) إذا صدر تصرف من ذي الغفلة أو من السفيه بعد تسجيل قرار الحجر, سرى على هذا التصرف ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام.
2) أما التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا أو قابلا للإبطال, إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ.
ولا يفوتنا معنى الاستغلال والتواطؤ الواردين بالنص وإليكم بيان معناهما كالآتي:-
فالمقصود بالاستغلال: هو أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثرى من أمواله.
والمقصود بالتواطؤ: هو عندما يتوقع السفيه الحجر عليه فيعمد إلي التصرف في أمواله إلي من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت أثار الحجر المرتقب”.
وكما هو قضاء النقض:المقصود بالاستغلال – في حكم الفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني – أن يغتنم الغير فرصة سفه شخص أو غفلته فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويثرى من أمواله. فإذا أثبت الحكم المطعون فيه في حدود سلطة المحكمة الموضوعية أن الطاعنين قد استغلا سفه المطلوب الحجر عليه وشدة حاجته إلى المال فاستصدرا منه التصرف المحكوم ببطلانه بمقابل يقل كثيرا عما تساويه الأرض المبيعة وذلك إرضاء لشهوة الاغتناء لديهما فإن الحكم بذلك يكون قد أثبت أن التصرف الصادر إلى الطاعنين كان نتيجة استغلال وبالتالي يكون هذا التصرف باطلا وقد صدر قبل تسجيل طلب الحجر أو تسجيل قرار الحجر. (الطعن رقم 446 لسنة 34 ق جلسة 14 /11/ 1968).
ويشترط وفقا للفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني لإبطال التصرف الصادر من السفيه قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ والمقصود بالاستغلال – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يعلم الغير بسفه شخص فيستغل هذه الحالة ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة فلا يكفي لإبطال التصرف أن يعلم المتصرف إليه بما كان يتردى فيه المتصرف من سفه بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا العلم قيام الاستغلال أو التواطؤ كما أنه لا يكفي لتحقق الاستغلال أن يكون المتصرف إليه قد أبرم مع المتصرف العقد بقصد الاستغلال إذ أنه بفرض توافر هذا القصد لدى المتصرف إليه فإنه لا يكفى بذاته لإبطال العقد بل يجب لذلك أن يثبت أنه استغل المتصرف فعلا وحصل من وراء هذا العقد على فوائد أو ميزات تجاوز الحد المعقول حتى يتحقق الاستغلال بالمعنى الذي يتطلبه القانون أما التواطؤ فإنه يكون عندما يتوقع السفيه الحجر عليه فيعمد إلي التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب.
(الطعن رقم 383 لسنة 36 ق “أحوال شخصية” جلسة 20/4/ 1971).
وبالتالي يمكن الدفع بالبطلان إستنادا لمخالفة ما ورد بنص المادة (114) مدنى, والمادة (115) مدني.

تحياتي دكتور محمد عويان المحامي.01004820476

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى