أخر الأخبار

دلال ندا تكتب “حرب الإبادة في غزة: تداعيات ما بعد السابع من أكتوبر

“حرب الإبادة في غزة: تداعيات ما بعد السابع من أكتوبر”

 

بقلم: دلال ندا

 

منذ اندلاع حرب 7 أكتوبر 2024 بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل، تعيش غزة حرب إبادة هي الأشد قسوة منذ سنوات طويلة، حيث تتعرض المدينة وسكانها لقصف عنيف متواصل من قِبَل القوات الإسرائيلية. أسفرت هذه الحملة عن سقوط آلاف الضحايا، غالبيتهم من المدنيين، كما دُمّرت مئات المباني السكنية والمستشفيات والبنية التحتية، في ظل حصار شامل أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.

الأبعاد الإنسانية للحرب

غزة، التي يعيش فيها حوالي 2.3 مليون نسمة، تعاني منذ سنوات من حصار اقتصادي خانق وقيود صارمة على دخول المواد الغذائية والأدوية والوقود. ومع اشتداد وتيرة الحرب، تفاقمت معاناة السكان الذين يعانون من نقص حاد في الموارد الأساسية مثل الماء والكهرباء. تعرضت المرافق الطبية للقصف، مما جعل القدرة على تقديم الخدمات الطبية شبه مستحيلة وسط العدد الكبير من الإصابات. ومع استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية، أصبحت غزة على شفا كارثة إنسانية تهدد حياة مئات الآلاف من المدنيين.

أهداف ودوافع حرب الإبادة

يُعتقد أن هذه الحملة العسكرية تسعى إلى إضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية، وفرض واقع جديد في غزة. ومع كل عملية قصف مكثفة، يتضح أن إسرائيل تسعى لإحداث دمار شامل في البنية التحتية، وإجبار السكان على النزوح أو الهجرة. يصف العديد من الخبراء هذا النهج بأنه محاولة لتطبيق سياسة “الأرض المحروقة” التي تهدف إلى تحطيم البنية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للقطاع.

المجتمع الدولي وردود الفعل

ورغم حجم المأساة، كانت ردود فعل المجتمع الدولي بطيئة وغير حاسمة. ورغم بعض الإدانات المحدودة، فإن معظم القوى الكبرى، خاصة الغربية منها، لم تتخذ خطوات ملموسة لوقف التصعيد. وبينما تُعقد جلسات طارئة في الأمم المتحدة، تبقى هذه القرارات محدودة الفعالية بسبب عدم إجماع الدول الأعضاء. يطالب العديد من النشطاء والمنظمات الحقوقية بضرورة تدخل دولي فعّال لحماية المدنيين ووقف الحملة العسكرية على غزة.

أثر الحرب على الأجيال المقبلة

ستظل هذه الحرب محفورة في ذاكرة الأجيال الفلسطينية، حيث أن أهوالها قد أوجدت مشاعر أعمق من الغضب واليأس، خاصة بين الشباب الذين يشهدون تدمير مدارسهم ومنازلهم ويفقدون أفراداً من أسرهم وأصدقائهم. هذه الحرب المستمرة ستؤثر على الاستقرار النفسي للأجيال المقبلة، وستزيد من التحديات المستقبلية في إعادة بناء المجتمع والاقتصاد، وحتى في تحقيق السلام.

دعوات السلام والمصالحة

رغم الألم والمأساة، هناك أصوات تدعو إلى وقف التصعيد والبحث عن حل سلمي يُنهي معاناة المدنيين ويضمن حقوق الشعب الفلسطيني. يرى بعض الخبراء أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم دون تحقيق العدالة وإنهاء الاحتلال وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

دور الإعلام في تسليط الضوء على الأزمة

لعب الإعلام دورًا محوريًا في تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة ونقل معاناة سكانها إلى العالم. قامت وسائل الإعلام المحلية والدولية بتوثيق آثار القصف على المدنيين، بما في ذلك مشاهد الدمار وآلام الضحايا، وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر هذه المشاهد بشكل واسع، مما أدى إلى إثارة مشاعر التضامن والغضب لدى الشعوب حول العالم. ومع ذلك، هناك انتقادات لبعض وسائل الإعلام العالمية التي اتهمت بالتحيز وعدم نقل الصورة الكاملة، ما أثار جدلًا حول تغطية الأزمة الفلسطينية.

الصعوبات التي تواجه تقديم المساعدات الإنسانية

يواجه المجتمع الدولي تحديات كبيرة في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. ومع القيود المفروضة على دخول الغذاء والدواء والوقود، أصبح من الصعب على المنظمات الإنسانية إيصال المساعدات التي يحتاجها السكان بشدة. كما تتعرض فرق الإنقاذ والمنظمات الإنسانية لخطر الاستهداف أثناء محاولتهم مساعدة المدنيين، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويهدد بتفاقم الوضع الإنساني بشكل أكبر.

 

آفاق الحلول المستقبلية

يتفق كثير من الخبراء أن الأزمة في غزة لا يمكن حلها عسكريًا، بل تحتاج إلى حلول سياسية واجتماعية طويلة المدى تعالج جذور الصراع. تشمل هذه الحلول المطالبة بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وضمان حقوق الشعب الفلسطيني، بما فيها حق العودة للاجئين. ويشدد البعض على ضرورة وجود تدخل دولي أكثر فعالية، بحيث يتم ضمان حماية المدنيين وفرض قرارات مجلس الأمن بشأن القضية الفلسطينية.

 

أهمية التكاتف الإقليمي والدولي

تلعب الدول العربية والإسلامية دورًا هامًا في دعم صمود الشعب الفلسطيني، عبر تقديم المساعدات الإنسانية والدعم السياسي، وكذلك عبر إيصال صوت غزة إلى المحافل الدولية. ومع تزايد معاناة الفلسطينيين في غزة، يدعو العديد من الأصوات في هذه الدول إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية والضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف التصعيد وحماية المدنيين.

ختامًا

تعيش غزة اليوم لحظات مأساوية في ظل حرب إبادة تهدد مستقبل سكانها وحياتهم. وفيما تتجه الأنظار إلى المجتمع الدولي وموقفه من هذه الأزمة، يبقى صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على التمسك بأرضه وحقوقه رمزًا للأمل والصلابة. إن إنهاء معاناة غزة لن يتحقق إلا عبر سلام عادل يعيد للفلسطينيين حقوقهم، ويضمن مستقبلًا آمنًا لأبنائهم بعيدًا عن ويلات الحروب والصراعات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى