الدكـــروري يكتب: الحفاظ على نعمة إستقلال الوطن

الحمد لله وفق من شاء للإحسان وهدى، وتأذن بالمزيد لمن راح في المواساة أو غدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها نعيما مؤبدا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أندى العالمين يدا وأكرمهم محتدا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل التراحم والاهتدا وبذل الكف والندى، ومن تبعهم بإحسان ما ليل سجى وصبح بدا، وسلم تسليما سرمدا أبدا، ثم أما بعد إن من مقتضيات الحفاظ على نعمة إستقلال الوطن أن تتمسك الأمة بالإسلام دينا الذي يحث على الوحدة، وينهى عن الفرقة والتشرذم والإنقسام، وأن تصغي إلى قوله عز وجل “وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون” وقوله عزوجل “واعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا”
حيث أصبح لزاما على هذه الأمة أن تعود إلى ما ارتضاه الله لها من إتحاد وتضامن وتصالح وتآزر وتآخي، فقال الله تبارك وتعالى “إنما المؤمنون إخوة” وقوله عليه الصلاة والسلام “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” ولأن سر إتنصار هذه الأمة يكمن في وحدتها عملا بقوله سبحانه وتعالى “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم” وإن من واجبنا نحو أوطاننا هو أن نحبه، فقد مر بنا قوله صلى الله عليه وسلم “اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد” متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم لمكة “ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي “رواه الترمذي، وأيضا المحافظة على تدين المجتمع وأخلاقه وقيمه وذلك صيانة له من الإهلاك والعذاب.
فكل بلدة فسقت وإستخدمت نعم الله في العصيان أُهلكت وعُذبت، وكذلك بناؤه وتعميره والترقي به، فقد حثنا الإسلام على تعمير الوطن بكل أنواع التعمير، فقال رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن إستطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل” رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة” متفق عليه، ومثل الزراعة الصناعة والتجارة، وكذلك الحفاظ على أمنه وإستقراره ووحدة كلمته ومحاربة كل ما من شأنه تفريق المجتمع الإسلامي الواحد، وكذلك نشر التكافل والتعاون بين أهله، فعن النعمان بن بشير قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” متفق عليه، وقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعريين قائلا “إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد، بالسوية، فهم مني وأنا منهم” متفق عليه، ومن واجباتنا نحو الوطن هو حمايته والدفاع عنه، ففي الحديث الصحيح الذي رواه سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ” رواه النسائي، ونتساءل أين يحفظ المال ويصان؟
وأين تستقر الأم والابنة والزوجة والعمة والخالة؟ وأين تقام شعائر الدين؟ وأين تحصن النفس وتعصم؟ أليس في أرض الوطن وعلى أرض الوطن؟ فالدفاع عن الوطن هو في الحقيقة دفاع عن المال والأهل والدين والدم.