الملكة حتشبسوت: قائدة استثنائية وتاريخ من الإنجازات

“الملكة حتشبسوت: قائدة استثنائية وتاريخ من الإنجازات”
بقلم: دلال ندا
الملكة حبستوش، والمعروفة أيضًا بالملكة حتشبسوت، هي إحدى أعظم الملكات اللواتي حكمْنَ مصر القديمة. كانت حتشبسوت خامس فرعون من الأسرة الثامنة عشرة، وقد حكمت مصر حوالي عام 1478 قبل الميلاد، وتعد من أبرز الملكات اللواتي تركن بصمة عظيمة في تاريخ مصر القديمة.
نشأتها واعتلاؤها للعرش
ولدت حتشبسوت في عائلة ملكية، وهي ابنة الفرعون تحتمس الأول والملكة أحمس. بعد وفاة والدها، تولى العرش زوجها، تحتمس الثاني. ولكن بعد وفاة تحتمس الثاني، ورث العرش ابنه الصغير تحتمس الثالث، الذي كان من زوجة ثانوية. وبما أن تحتمس الثالث كان لا يزال طفلاً، تولت حتشبسوت الوصاية على العرش، ومن ثم أعلنت نفسها فرعونًا لمصر، وهو أمر نادر الحدوث، حيث كان الحكم مقتصرًا عادة على الرجال.
إنجازاتها وأعمالها
احتفظت حتشبسوت بالحكم لفترة طويلة، وخلال هذه الفترة، شهدت مصر استقرارًا سياسيًا واقتصاديًا، وحققت الكثير من الإنجازات. ويعتبر معبد الدير البحري من أشهر آثارها المعمارية، وهو معبد جنائزي فريد يقع في طيبة، ويعكس مستوى متقدمًا من الفن المعماري والتصميم الهندسي.
عملت حتشبسوت على تقوية العلاقات التجارية مع الدول المجاورة، وقادت رحلة تجارية شهيرة إلى بلاد بونت (التي يعتقد بأنها تقع في الساحل الشرقي لأفريقيا)، وكانت هذه الرحلة تهدف إلى استيراد البخور والأخشاب والمعادن النفيسة، مما عزز الاقتصاد المصري.
كما اهتمت حتشبسوت بتطوير البنية التحتية وتشييد المعابد والمباني العامة، ومن ضمنها مشروع لتجديد معابد الكرنك، حيث أقامت مسلتين كبيرتين تعتبران من أطول المسلات التي تم بناؤها في مصر القديمة، وقد صمدت إحداهما حتى اليوم.
صورتها في التاريخ ومحاولات محو أثرها
بعد وفاة حتشبسوت، حاول تحتمس الثالث محو آثار حكمها، فقد قام بإزالة اسمها من بعض المعابد والنقوش، وأمر بإزالة تماثيلها. يعتقد بعض المؤرخين أن هذه المحاولات كانت تهدف إلى إعادة فرض النظام الذكوري للملكية المصرية. ورغم هذه المحاولات، تمكنت حتشبسوت من الحفاظ على شهرتها من خلال آثارها وإنجازاتها، ونجت العديد من النقوش التي تروي قصتها.
إرث حتشبسوت
يعتبر حكم حتشبسوت من الفترات الذهبية في تاريخ مصر القديمة، حيث ازدهرت التجارة، وتقدمت العمارة، وشهدت مصر استقرارًا ورفاهيةً. ساهمت حتشبسوت في تغيير نظرة المصريين للمرأة، حيث استطاعت أن تثبت جدارتها بالحكم، وأن تكون مثالًا يُحتذى به في القوة والقدرة على القيادة.
واليوم، تعتبر حتشبسوت من أكثر الشخصيات إثارة في التاريخ المصري، فهي الملكة التي نجحت في تجاوز التحديات وإثبات قدرتها على قيادة أمة عظيمة، وما زالت آثارها شاهدة على عظمتها وحكمتها وحنكتها السياسية.