الزهرة العناق تكتب: طمأنينة الزيف وقيود الحرية

إنها لوحة تعكس أعمق معاني الفلسفة، بين السطور تتجسد صورة تكشف صراعا بين الانقياد والحرية، بين الطمأنينة الزائفة والوعي المكبل.
لوحة ترسم لنا أن الحياة ليست مجرد مشهد عابر، بل هي رمز صارخ يعبر عن الحقيقة الخفية التي نغفل عنها وسط زحمة الحياة.
قطيعا من الخراف يتبع إنسانا معصوب العينين، يتجه صوب المقصلة بلا تردد، وكأنهم جميعا أسرى طريقٍ لا خيار لهم في تغيير مساره.
هم يتبعون ذاك الإنسان، مأسورين بتكرار الخطوات لا يعرفون عواقبها، وربما لا يسألون عن نهايتها، فالطمأنينة التي يتوهمونها في الاتباع أعمق من تساؤل قد يوقظ ذواتهم.
ذلك الرجل يسير متزينا بعباءة الظاهر، لكنه في داخله أسير لقيود غير مرئية، تقيده بالأفكار التي تأسره، وبعقائد صنعها الخوف والخنوع. إنه رمز للأفراد الذين انصهروا في قوالب المجتمع الصارمة، لا يملكون جرأة التفكير بحرية، ولا يُمنحون شجاعة السؤال عن مصيرهم. يتبعونه دون أن يروا مصيرهم المحتوم، كما يسير هو إلى نهاية رسمها الانقياد.
هنا تبرز لنا صورة الطمأنينة الزائفة، تلك الطمأنينة التي نعيشها حين نلتحق بالجموع دون وعي، فنشعر بالأمان لأننا لسنا وحدنا، حتى وإن كان الطريق الذي نسير فيه منحدرا نحو الهاوية. نغرق في زيف الراحة التي تمنحها قيود القطيع، ونخشى التمرد لأننا نخشى الوحدة، رغم أن الحرية لا تهدى، بل تنال بالنضال والتفكر.
الحرية ليست حقا ينتزع بالقوة فحسب، بل هي نعمة تكتسبها النفس حين تتحرر من قيودها الفكرية أولا، حين تختار ألا تغرق في صمتٍ قد يسكتها عن الحق، أو زيف قد يوهمها بالأمان. الحرية هي الصوت الداخلي الذي يصرخ بأن طريقك يجب أن يكون من اختيارك، وأن مسارك ينبغي أن يكون انعكاسا لإرادتك، وليس مرآة لما يختاره الآخرون لك.
إنها دعوة مفتوحة لإعادة النظر في حياتنا، في اختياراتنا التي نخشى مواجهتها. إنها صرخة تقول لنا: لا تتبعوا المألوف دون أن تسألوا عن وجهته، ولا تسمحوا لأنفسكم بالانجراف خلف الطمأنينة الزائفة التي قد تقودكم إلى مقصلة الفكر، حيث يموت الإبداع و تخبو شعلة الحرية.
إنها تذكير بأن الخضوع و العبودية، دون تفكير ليس إلا سجنا اختياريا، وأن الحرية تبدأ حين نرفض السير بلا وعي، ونبدأ بالبحث عن طريقنا الخاص، طريق نبنيه بأفكارنا، ونحميه بأصواتنا، ولا نسمح بأن يغرق في صمت المجتمع أو زيف الطمأنينة.