الدكـــروري يكتب: الأمة الإسلامية مأمورة بالإقتداء

 

الحمد لله ناصر المستضعفين وقاهر الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي المؤمنين الصادقين ولا عدوان إلا على المجرمين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الغر المحجلين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد، إن السيرة في اللغة هي الطريقة والهيأة المعتادة التي يكون عليها الإنسان وغيره، والسيرة النبوية مأخوذة من السيرة بمعنى الطريقة، وهي تبحث في حياة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم منذ مولده حتى إنتقاله إلى الرفيق الأعلى، وفي حياة صحابته الكرام رضوان الله تعالي عليهم الذين ضحوا في سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض، وتبحث أيضا في الظروف الإجتماعية والسياسية التي إنتشر فيها الدين الإسلامي، الذي ابتدأ بكلمة اقرأ في غار حراء.

إلى أن دانت الجزيرة العربية به ودخل الناس في دين الله أفواجا، فعندما ندرس السيرة النبوية الشريفة المطهرة، نكون بصدد دراسة سيرة خير نبي إصطفاه الله، وندرس سيرة خير أمة أخرجت للناس، وندرس سيرة خير رسالة أنزلت للناس، ودراستها قبل كل شيء عبادة، حيث يقول تعالى ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ” فالأمة الإسلامية مأمورة بالإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن تتمكن من التأسي به ما لم تفقه سيرته وتدرسها وتتعرف عليها، وروى الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم يقول ” من يؤويني، من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي، وله الجنة” فلم يجد أحدا يؤويه ولا ينصره حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه

وذو رحمه فيقولون له إحذر غلام قريش لا يفتنك، ويمضي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه، فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرؤه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعا فقلنا حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلان حتى قدموا عليه الموسم، فواعدناه العقبة، فاجتمعنا عندها من رجل أو رجلين حتى توافينا، فقلنا يا رسول الله، علام نبايعك قال “تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في اليسر والعسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة”

فقمنا إليه فبايعناه، وأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو من أصغرهم فقال رويدا يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب إليه أكباد الإبل، إلا ونحن نعلم أنه لرسول الله، وان إخراجه اليوم منا وأن العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله، قالوا أمط عنا يا أسعد، فوالله لا ندع هذه البيعة، ولا نسلبها أبدا، قال فقمنا إليه، فبايعناه، وأخذ علينا وشرط، ويعطينا على ذلك الجنة” ومن خلال هذه الرواية، يتضح أن الدعوة بمكة وصلت إلى الطريق المسدود، فقد أصبح المسلمون يتعرضون إلى كل أنواع العذاب والحصار والإضطهاد النفسي والبدني.

خصوصا بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، وأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانت تهابه قريش فأخذ يعرض صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل، إلى أن استجاب أهل يثرب، وأبدوا إستعدادهم لنصرته في السراء والضراء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى