الجارديان: الفائز بالانتخابات الأمريكية سيواجه تحولا في قوة الاقتصاد العالمي

قال المحرر الاقتصادي في صحيفة الجارديان البريطانية، لاري إليوت، إنه سواء كان النصر في انتخابات الرئاسة الأمريكية الوشيكة من نصيب مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس أو منافسها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، فإن من سيفوز سيواجه تحولا في قوة الاقتصاد العالمي .

وذكر إليوت – في مقال رأي نشرته الصحيفة اليوم – أن هيمنة الغرب تتعرض للتحدي، إذ أظهرت القمة الأخيرة لتجمع بريكس أن الأسواق الناشئة غير راغبة في الرضوخ للضغوط.

وأشار الكاتب إلى أن الكثير قد تغير في السنوات الـ32 منذ أصبح الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون أول من يدخل البيت الأبيض من “جيل طفرة المواليد”.. وبينما يستعد الأمريكيون للذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم غد الثلاثاء، فإنهم يفعلون ذلك وهم يدركون أن بلادهم لا تزال أكبر اقتصاد وأقوى قوة عسكرية في العالم.. لكن تفوقها لم يعد بلا منازع والنظام العالمي الجديد أحادي القطب الذي تباهى به الرئيس السبق جورج بوش الأب في عام 1991 في نهاية حرب الخليج الأولى قد انهار.

وأوضح إليوت أن قمة البريكس الشهر الماضي – التي استضافها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – كانت علامة على تغير العصر.. وقال إنه من السهل أن نفهم مدى اهتمام بوتين بتوسيع مجموعة البريكس؛ فهو يرسل رسالة مفادها أن روسيا ليست معزولة ــ على الرغم من العقوبات المفروضة والمشددة منذ بدء حربها في أوكرانيا قبل عامين ونصف العام.

وبحسب إليوت، في الوقت الحالي ليس أمام طموح بوتين في إنشاء عملة لمجموعة البريكس كمنافس للدولار الأمريكي أي فرصة حقيقية لتحقيق أي شيء.. فالدولار مستقر وقابل للتحويل بسهولة : وهو لا يتعرض لتهديد فوري .. ولا ترغب دول مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا في قطع العلاقات مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، بل تريد بدلا من ذلك الاحتفاظ بموطئ قدم في كلا المعسكرين.

ومع ذلك، لا تزال القمة الأخيرة التي عقدت في قازان مهمة لثلاثة أسباب: أولا، أثبتت أن العقوبات لم تؤد إلى انهيار الاقتصاد الروسي ــ وربما لن تؤدي إلى ذلك أبدا.. والصين والهند من العملاء الراغبين في الحصول على نفط بوتين، في حين أثبت الاقتصاد الروسي المحلي أيضا قدرته على الصمود.

والأمر الثاني الذي أثبتته قمة قازان هو أن اقتصادات الأسواق الناشئة الأكبر حجما غير راغبة في الرضوخ للضغوط الغربية.. وهذا لا ينطبق على روسيا فحسب، بل وأيضا على الصين، التي تخشى أن تُحرم من الأسواق الغربية بسبب التعريفات الجمركية وغيرها من القيود التجارية.

أما السبب الأخير وراء أهمية قازان هو أنها أظهرت النفوذ المتزايد ونفاد صبر الجنوب العالمي، الذي يمثل غالبية سكان العالم وحصة متزايدة باستمرار من الاقتصاد العالمي.. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي المشترك لدول مجموعة السبع – الولايات المتحدة واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وكندا – من 67% في عام 1994 إلى 44% في عام 2022، في حين تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للصين أربع مرات إلى 20% خلال نفس الفترة.

وأوضح إليوت أنه إذا فاز دونالد ترامب هذا الأسبوع، فقد تعهد بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على جميع الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة – وهي ضربة كبيرة نظرا لأن الصين حققت في عام 2022 فائضا تجاريا بقيمة 400 مليار دولار مع الولايات المتحدة ، ومع ذلك، اتخذ الديمقراطيون موقفا صارما مع الصين أيضا.

وقال إن كامالا هاريس ستلتزم بنفس النهج الأقل قسوة ، ولكن لا يزال النهج الذي اتخذه جو بايدن خلال رئاسته قويا ، والذي تضمن تعريفات جمركية بنسبة 100% على المركبات الكهربائية الصينية، وحظر الاستثمار والعقوبات ضد شركات التكنولوجيا.

وأشار إليوت إلى أنه كان من المفترض أن يقدم النظام العالمي الجديد الرخاء للجميع لكنه فشل في تحقيق ذلك.. ووفقا للبنك الدولي، توقف التقدم في مكافحة الفقر العالمي نتيجة للحروب وارتفاع الديون والوباء وتغير المناخ.. والدول الغنية غير قادرة أو غير راغبة في الاستجابة لهذه الأزمات المتعددة.

وقال إليوت إن مجموعة الدول السبع الكبرى والغرب بشكل عام يتصرفان وكأنهما لا يزالان يتمتعان بنفس القوة التي كانا عليها في عام 1944 عندما تم إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بموجب مؤتمر بريتون وودز.

ولكنه أكد في ختام مقاله أن هذا هو اقتصاد عالمي مختلف الآن.. وبغض النظر عمن سيفوز في سباق البيت الأبيض، فإن هيمنة الغرب تواجه تحديا لم يسبق له مثيل منذ 500 عام.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى