الدكـــروري يكتب: العبرة في إقتراب إنقضاء العام الميلادي

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ثم أما بعد إن في إقتراب إنقضاء عام ميلادي إيذان بدنو أجلك أيها الإنسان، فهو نقصان من عمرك، وتقريب لأجلك، وإشارة إلى فناء هذه الدنيا التي ركنت إليها، واطمأننت إلى بهرجها، وتكالبت على حطامها، ولقد متعك الله تعالى بنعمة الوقت لتغتنمه في مرضات الله، فضيعته في مساخط الله، فكنت مغبونا محسورا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ”
فشغلت أوقاتك بالذنوب، وأمعنت في عصيان علام الغيوب، وأكثرت الكلام فيما لا يعنيك، وجمعت المال الذي يطغيك، أطلقت العنان للسانك للوقوع في أعراض الناس نميمة وغيبة، فما أبعدك عن الأكياس، ضيعت الصلاة والصيام، ومنعت حقوق الفقراء والأيتام، أسرفت على نفسك بالعصيان، وهجرت الذكر والقرآن، أكلت أموال الناس بالباطل، وترجو أن يوفيك الله الأجر الكامل، فراجع حساباتك أخي المسلم وقوم ما كان فيه من إعوجاج، وإعقد العزم الأكيد على إصلاح ما قد فسد، وسلوك طريق الرشد، طالبا من الله العون والمدد، وإجعل نصب عينيك قول الصادق المصدوق ” الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني” ولقد نقص يوم وصعد بأعمالنا إلى الواحد العلام، ولن يرجع إلى يوم القيامة، فطوبى لمن إغتنم يومه بالأعمال الصالحة، فأفاد أمته، وشيّد صرحها، وناضل من أجل القيم وبنى مجدها، وضحى في سبيل المبادئ وأعلى ذكرها، وسحقا لمن خان أمته وباع عرضها، وظلم العباد وأفسد في الأرض، وطغى فوقها، وأوبق نفسه المهالك، وأسخط ربها، فإن بلدنا مصر أمانة عظيمة في أعناقنا حكاما ومحكومين، فلنحافظ على مكتسباتها ومنجزاتها، ولنحذر من الإنزلاق نحو الفتن والقلاقل، حتى لا ينطبق علينا قول الحق تعالى في بني إسرائيل “يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولي الأبصار”
فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، ولنزن أعمالنا قبل أن توزن علينا، ولنجدد العهد مع الله تعالي لبدء صفحة جديدة بيضاء دائما كل يوم جديد ولنستعد للقاء الله بصالح الأعمال، قبل أن نفاجأ بانقضاء الآجال، إذ الأعمار بيد ذي القوة والجلال، فقال تعالي “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون” نسأل الله العافية والسلامة والصلاح لنا ولأبنائنا وبناتنا، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.