حديث الجمعة.. علمني أهلي الكلام وعلمني الناس الصمت: بقلم د / سعاد حسني

 

مع بداية حياتنا وخاصة مرحلة المهد منها، كل منا تداعبه أمه ببعض الكلمات و الألفاظ المعبرة والدالة على حبها له. فعند طعامه تكلمه، وعند شرابه تكلمه، وعند استحمامه تكلمه، ونأتي إلى اللعب معه حيث تلاعبه وهي فرحانة مستخدمة الكلمات المعبرة عن ذلك، وينفلت هذا الكلام ما بين الضحكات، والانسجام، واللعب معه. وهنا يلتقط الطفل الكلام رويدا رويدا، ويردد الكلمات، ثم تصير جملا، ثم يأتي الأب بدوره، ويليه الأهل على اختلاف أنواعهم. والطفل متنقل من مرحلة إلى أخرى. وفى أثناء ذلك يتعرض لمواقف، واختبارات، ومناسبات، وأشياء، وأشياء لا تعد، ولا تحصى. وهو بدوره معبر عنها بالكلام تارة بالفرحة ، وتارة أخرى بالغضب والعصبية. وتأخدنا سفينة الحياة، وتنتقل بنا من شط إلى أخر؛ مستمتعين بالحياة مرة، وساخطين عليها مرة أخرى. وفى وسط هذا بلا شك، وبطبيعة الحياة نتعامل مع الناس على اختلاف أنواعهم. فنقابل منهم الطيبين، ونقابل أيضا الأشرار منهم، ونتعرف على من يشبهوننا فى طباعنا، ونتعلق بهم ، ويتعلقون بنا، ونصبح أخوة، وأصدقاء، ونهون على بعضنا البعض صعوبة الحياة. ونتعرف أيضا على من لا يشبهوننا فى طباعنا، وما أكثرهم؛ فأحيانا كثيرة نجذع من التعامل معهم. ومع كثرة المواقف المؤلمة، وكثرة ما جرحت منهم؛ تفضل الصمت، وعدم محاولة الكلام معهم؛ فإنك تجد فى الصمت الصحبة، والآمان، وتجنب الجروح والألام ، أفضل من الكلام الذي قد يكون سببا فى إهانتك، وجرحك. َعندئذ يتحقق المثل الشهير : ( إذا كان الكلام من ذهب، فالسكوت من فضة). فأحيانا كثيرة نستغني عن الذهب؛ لأنه مكلف وغالي الثمن، ونلجأ إلى الفضة لأنها فى متناول أيدينا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى