تربية الشباب المراهقين.. فن التعامل وتوجيههم نحو مستقبل مشرق

بقلم/ الزهرة العناق
تعد مرحلة المراهقة من أكثر المراحل حساسية في حياة الإنسان، حيث يمر الشاب بتغيرات نفسية وجسدية وعاطفية تؤثر على تصرفاته وتوجهاته. وهنا تقع على عاتق الأهل والمعلمين مسؤولية توجيه هؤلاء الشباب نحو الطريق السليم، عبر التعامل بحكمة وصبر، واتباع أساليب تربوية قائمة على الفهم العميق لطبيعة المرحلة.
🔴فهم سيكولوجية المراهقين
لفهم كيفية التعامل مع الشباب المراهقين، يجب أولا التعرف على طبيعة احتياجاتهم في هذه المرحلة. المراهقون غالبا ما يبحثون عن الاستقلالية، ويرغبون في التعبير عن ذواتهم، و يميلون للتمرد على السلطات التقليدية كالأسرة والمدرسة. لذا يجب على الأهل والمعلمين تفهم هذه الاحتياجات بدلا من مواجهتها بالرفض؛ الاحتواء هو الأساس لبناء علاقة ثقة تمكن من التوجيه الفعال.
🔴التفاعل الإيجابي داخل الأسرة
تلعب الأسرة دورا محوريا في حياة المراهق، فالأب والأم هما الدعامة الأولى والأساسية لتنشئته. لذلك، ينبغي للأهل اتباع أسلوب الحوار المفتوح مع أبنائهم، وتجنب الانتقاد الحاد أو التعنيف في حالات الخطأ. فالمراهق يتعلم ويعزز شخصيته من خلال الإرشاد لا من خلال الترهيب. عندما يرتكب خطأ، يجب تقديم النقد البناء، وتوضيح العواقب بأسلوب يحفزه على التفكير وتحمل المسؤولية.
يجب أيضا التركيز على تعزيز الثقة بالنفس لدى الشباب، عبر تشجيعهم على تحقيق أهدافهم، وممارسة الهوايات التي تعزز من قدراتهم. كل نجاح صغير يجب أن يلقى الثناء، فهذه النجاحات تغرس فيهم حب الذات السليم، و تحميهم من الانزلاق نحو مسارات سلبية.
🔴دور المدرسة في احتواء المراهقين
أما في المدرسة، فعلى المعلمين أن يكونوا نموذجا إيجابيا يحتذي به الطلاب. يجب أن يشعر المراهق بأن المعلم ليس فقط ملقنا للمعلومات، بل هو مرشد وداعم له في تحدياته. يجب تقديم المناهج الدراسية بأساليب تشويقية تتناسب مع احتياجاتهم، وجعل الأنشطة جزءا لا يتجزأ من التعليم، ليجدوا في المدرسة بيئة مريحة تشبع فضولهم تنمي لديهم حب التعلم.
🔴كما يجب تفهم ميول الشباب للاختلاط والبحث عن الصداقات في هذه المرحلة، ومساعدتهم في تكوين علاقات صحية مع زملائهم، مع تحذيرهم من التورط في السلوكيات السلبية، وتوضيح أثر الصحبة السيئة عليهم بطريقة مشجعة لا منفرة.
🔴التعامل مع التصرفات السلبية برفق وحزم
قد يواجه الأهل والمعلمون تصرفات مزعجة من المراهقين، كالتحدي و التمرد و العناد. لكن هنا، ينبغي التريث والصبر، ومحاولة فهم الأسباب الكامنة خلف تلك التصرفات، فقد تكون ناجمة عن مشاعر داخلية كالتوتر أو الحاجة للفت الانتباه. عند التعامل مع هذه التصرفات، يجب التفريق بين الحزم والتسلط؛ فالحزم يعني وضع حدود واضحة دون فرض قيود قاسية، مما يسمح للمراهق بفهم أهمية احترام القوانين مع شعوره بوجود مساحة للنقاش والتفاهم.
🔴تشجيع الشباب على تحمل المسؤولية
جزء كبير من تربية المراهقين يتضمن تشجيعهم على تحمل المسؤولية في قراراتهم، حتى ولو كانت صغيرة. فعندما يتحمل الشاب مسؤولية قراراته ويتعلم من أخطائه، يكتسب بذلك مهارات حياتية تساعده في مستقبله. يمكن تشجيعهم على اتخاذ قرارات تخص حياتهم الدراسية أو الاجتماعية، مع إرشادهم إلى النتائج الممكنة دون تقييد.
🔴استثمار المواهب والقدرات
لا شك أن لكل مراهق قدرات ومواهب فريدة، ويجب على الأهل والمدرسة السعي لاكتشافها ودعمها. يمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة المدرسية أو الرياضة أو الفنون، وتوفير بيئة مشجعة لنمو إبداعاتهم. هذه الميادين تساهم في توجيه طاقاتهم نحو الإيجابية، و تغنيهم عن اللجوء إلى السلوكيات السلبية بحثاً عن التقدير.
و أخيرا، التوجيه بحكمة وسعة صدر
تربية الشباب المراهقين مهمة شاقة تتطلب الكثير من الصبر والفهم، لكن نجاحها يصنع مستقبلا واعدا. فالأهل والمعلمون هم الذين يشكلون هذه الشخصيات و يزرعون فيها قيم العمل والتعاون وحب الحياة. التعامل بحكمة وسعة صدر مع تصرفات المراهقين، والسعي لتوجيههم بدلا من تصحيحهم بالقسوة، هو المفتاح السحري لبناء شخصيات قوية وقادرة على مواجهة الحياة.