الزهرة العناق تكتب.. لو أتيحت لي الفرصة في مشروع إصلاح مجتمعي

 

لو قدر لي أن أمسك قلمي في مشروع إصلاح لمجتمعي، لباشرت بوضع لبنة التغيير على أسس صافية من القيم، نابضة بمعان سامية، تخترق حجب الجمود المتوارث.

لا ريب أن التحديات ستواجهني، كأنني أخطو وسط بحر تتلاطم أمواجه من جهل وشك وانقياد أعمى.

أول ما كنت لأفعله، هو ترسيخ مفهوم “التأمل”، لأبعد عنا سمة السطحية، تلك التي تجعل الإنسان لا يرى سوى قشور الأشياء، فيحكم بغموض وريبة. إذ علينا أن ننفذ إلى جوهر الأمور، فنتعلم كيف نرى ببصيرة تعري زيف المظاهر وتبني وعيا يضيء به المرء دربه.

ثم، يأتي دور “الإنصاتِ الصادق”. في مجتمعاتنا، ثرثرة تصم الآذان، وأحاديث بلا جذور. لو تعلمنا فن الاستماع بروح صادقة، لخف التنافر، ولذابت الحواجز بيننا، ولأدرك كل واحد منا صوت الآخر في حقيقته لا في وهمه.

سأجعل من “الاحترام المتبادل” قاعدة حقيقية، لا شعارا يلقى على مسامعنا دون أثر. هو روح العلاقات الإنسانية، جسر يقيمه الإنسان فوق بحر الأنانية، ليصل إلى قلوب غيره دون استعلاء أو تحقير. الاحترام ليس مظهرا يعرض، بل شعور يبنى، يحتاج إلى جهد وتدريب على الاحتواء والتقبل.

أما عن “التقدير”، فهو ما يجعل القلوب أكثر لطفا، ندرك من خلاله قيمة اللحظة وقيمة البشر، فلا نفقد جمال العطاء ولا نستهين بالجهد المبذول، بل نرى في كل عمل -ولو كان صغيرا- لبنة في بناء مجتمع أقوى وأفضل.

لو قدر لي أن أكون أداة للتغيير في مجتمعنا، لانطلقت أولا من غرس “الأخلاق” في النفوس، تلك البذرة الطيبة التي تهب الحياة روحها، فالإنسان بلا أخلاق، كالنهر بلا ماء، عطش وجاف. سأُعيد للأخلاق بريقها، فتصبح نبراسا يرشدنا في معاملاتنا اليومية، ويثبت أركان المجتمع على أسس من احترام الآخر، والتواضع، والعدل، والصدق، لتكون العلاقات بين الناس قائمة على الثقة والكرامة المتبادلة.

ثم سأدقق في ملف “المرأة”، تلك العماد التي عليها يستند المجتمع، فهي ليست نصف المجتمع فحسب، بل هي قلبه النابض، وضميره الحي. كيف لنا أن ننهض ومكانة المرأة لا تقدر حق قدرها، وهي التي تربي الأجيال وتزرع فيهم المبادئ؟ إنني أحلم بمكانة تعترف بجهود المرأة، تحترم كيانها، و تمنحها فرص العطاء، لتكون جنبا إلى جنب مع الرجل في بناء مجتمع متوازن، حيث لا فرق بين قلبين يجتهدان و يضحيان من أجل نفس الهدف السامي.

ولن يغيب عن ذهني “نشر العلم”، فهو النور الذي يزيل العتمة، ويفتح الآفاق نحو الفهم والتقدم. سأبدأ بتحرير مفهوم العلم من قيود التلقين، ليصبح هدفاً عظيماً يسعى الجميع لتحقيقه بفكر حر ورؤية ثاقبة. سأجعل التعليم حقا للجميع، لا امتيازا للبعض.

سألقن الشباب أن العلم هو الإرث الذي لا يبلى، والأمل الذي لا يخبو، ومتى ما عم العلم ارتفعت العقول و تلاقت الأفكار وتقلصت الفوارق.

ثم سأسعى إلى “تعميم التعليم”، فما من وسيلة أقوى لرفعة أمة من نشر التعليم. سأدعم كل مبادرة تسهل وصول التعليم إلى الجميع، خصوصا المناطق النائية و المحرومة، لأعطي كل طفل فرصة لبناء مستقبله بيده. إنه سلاح الضعيف أمام تحديات الحياة، وجسر الأمل الذي لا يعرف نهاية.

أما “محاربة الفساد”، فهي حجر الزاوية لبناء مجتمعٍ نقي. سأبدأ بحربٍ لا هوادة فيها ضد الفساد، الذي يسري كالسم في جسد المجتمع، يضعف أركانه ويهدر ثرواته. سأُشعل في النفوس وعيا يرفض الرشوة والمحسوبية، و يدرك خطرها على العدل والنزاهة. الفساد يضعف الحق و يطفئ الأمل في نفوس الأجيال، ومجتمعنا يستحق تطهيره من هذا الداء.

وأخيراً، سأولي اهتمامي ل”تربية الشباب المراهقين على العقيدة الإسلامية الصحيحة” عناية خاصة، فهي المرحلة التي تتكون فيها الأفكار و تتشكل فيها القناعات. سأعمل على غرس حب الإسلام في قلوبهم، ليس من باب التخويف أو التقييد، بل من باب التعريف بجمالياته، وعظمة رسالته، و نقائه. سأقودهم ليعيشوا دينهم في تفاصيل حياتهم اليومية، كمنهجٍ للحب والتسامح، و رسالة تحث على العدل، والإحسان، وتكريم الذات.

لو أتيحت لي الفرصة، لكان هذا مساري: بناء مجتمع يحكم بالأخلاق، تحترم فيه المرأة، ويعظم فيه العلم، و يحارب فيه الفساد، و يربى فيه الشباب على المبادئ الأصيلة.

كما سأعمل جاهدة على إحياء روح “التفاؤل”. ذاك الضوء الخافت الذي إن أشعلناه في القلوب، تحول إلى شعلة تقودنا إلى أفق أبعد، حيث لا مستحيل، ولا مكان لليأس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى