بين بيت لاهيا و قرطاج الجزء الثاني ..للكاتبة: وجيدة عبد الرحمان الهاني

 

واخيرا جاءني رد حسام … وبقدر ما كان متوقعا كان يحمل في طياته الكثير من القلق والرهبة والخوف… 

[25/10, 9:57 am] حسام غزة: صباح الخير

[25/10, 9:57 am] حسام غزة: كيفك ماما

[25/10, 9:57 am] حسام غزة: الي يومين بشوف الموت  

[25/10, 9:58 am] حسام غزة: امبارح كنت متحاصر من ساعة 3صبح للساعة 8 صبح تحت طلاق نار قصف علينا   

[25/10, 9:59 am] حسام غزة: وانا بالبيت قصفوا البيت علينا  

[25/10, 9:59 am] حسام غزة: الوضع صعب جدا جدا جدا

  [25/10, 9:59 am] حسام غزة: تعبان مش ضايل حيل فينا اكتر من هيك

 

كنت قد آليت على نفسي أن لا اقتصر على أخبار المواقع الزرقاء لمعرفة ما يحدث.. هؤلاء اهلنا هناك. هؤلاء آبائنا وأمهاتنا … ابناؤنا وبناتنا .. اخواننا وأخواتنا .. هؤلاء دمنا المهرق … جراحنا الموجعة.. أشلائنا المتطايرة … يجب علي أن ألتحق بهم … أن التحم بهم وأن أكون معهم بروحي ما دام الجسم محبوس هنا … إلا أفعل يحترق قلبي … يجب علي أن افعل شيئا أو أموت قهرا…

حسام حدثني عن آماله الصغيرة … كان موظفا بمعمل أغذية له فروع عدة بغزة.. وكان يحب موطنه بيت لاهيا …

كان شابا هادئ الطباع والصوت وكان جل ما يحلم به أن يتزوج بنتا متدينة حافظة للقرآن وما اكثرهن في غزة… وكان يحلم بالهجرة ولكن بعد أن تنتهي الحرب.. قال يا ماما لو فتحت المعابر ولو انني اغادر الآن فعلي أن أنسى بيت لاهيا وعلي أن أنسى بيتي ومدينتي …الموت أهون علي من أن أمنع من العودة..

وعدته متى انتهت الحرب أن أحضر زفافه في مشروع بيت لاهيا ووعدني بأن يجيء لزيارتي مع زوجه في قرطاج. كنا نحلم وكان هناك من يتربص بأحلامنا ويعمل على اجهاضها … فطائرات العدو ألقت على السكان أمرا بالاخلاء الفوري لمنازلهم أو أن يدفنوا فيها أحياء وحين لم يمتثلوا فتحوا عليهم فوهات مدافع الدبابات .. قصفوا الطابق الأول من البيت وهو بيت شقيقه الأكبر خليل وكان صديقهم محمود يسكنه مع أطفاله الصغار . فإلتجئوا وهم في حالة هلع إلى الطابق الأرضي… وباتوا ليلتهم تحت الدرج وهم يتشهدون ويقرؤون القرآن ويحسبون أنهم مستشهدون لا محالة …

ولكن كتب للجميع عمر جديد … حسام والنازحين من جباليا وصديقهم محمود وصغاره …  

وللقصة بقية …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى