المرأة المطلقة .. بقلم الكاتبة: الزهرة العناق

 

المطلقة امرأة قوية في وجه الظلم و الوصم الاجتماعي.في كثير من المجتمعات تعرف المرأة المطلقة بمعان خاطئة تحمل طابع الازدراء، وكأنها خاضت معركة وخسرت. ولكن في الحقيقة، المطلقة هي امرأة شجاعة، وقفت في وجه واقع لا يتماشى مع كرامتها وإنسانيتها. هي ليست رمزا للفشل، بل انعكاس للإرادة والقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة رغم الضغوط الاجتماعية والنفسية.

الطلاق في جوهره ليس هزيمة، بل هو إنهاء لعلاقة لم تحقق غايتها في تحقيق التفاهم والسعادة.

المرأة المطلقة ليست فاشلة، بل هي إنسانة واجهت واقعا مؤلما وقررت أن تختار لنفسها طريقا آخر، طريقا قد يكون صعبا ولكنه يحمل بارقة أمل بحياة أفضل.

كثير من النساء المطلقات يواجهن مواقف قاسية داخل منازلهن، بدءا من الإهانة إلى الإهمال وحتى العنف. ومع ذلك، قرار الطلاق في مجتمع لا يزال ينظر إلى المرأة المطلقة نظرة دونية يتطلب جرأة كبيرة. فهي لم تختر البقاء في علاقة تستنزفها نفسيا وعاطفيا، وإنما سعت إلى الخلاص من حياة فقدت قيمتها.

المجتمع كثيراً ما يفرض على المرأة أن تبقى في زواج مؤلم حفاظا على صورة مزيفة من “الاستقرار”. المطلقة هي تلك المرأة التي قررت كسر الوهم و العيش وفق شروطها الخاصة. إنها رمز للوعي والإصرار على حقوقها، فهي لا تقبل أن تختزل إنسانيتها في مجرد لقب أو حالة اجتماعية.

المطلقة ليست سيئة، من الظلم أن تعامل المطلقة وكأنها مسؤولة عن انتهاء الزواج. الزواج علاقة ثنائية، وأي فشل فيه يتحمل مسؤوليته كلا الطرفين. لكن المجتمع المريض يلقي باللوم غالبا على المرأة، متجاهلا أنها قد تكون ضحية ظلم أو سوء تفاهم أو حتى اختلافات لا يمكن التعايش معها.

المطلقة ليست نهاية القصة، بل بداية فصل جديد مليء بالتحديات والفرص. هي إنسانة تمتلك الحق في أن تبني حياتها من جديد، وأن تبحث عن السعادة التي تستحقها.

لهذا على المجتمع أن يغير نظرته السلبية تجاه المطلقة، فهي ليست سوى امرأة اختارت الكرامة والحرية على العيش تحت وطأة الظلم. بدلا من الحكم عليها، يجب دعمها ومساندتها لتتجاوز محنتها وتعيد بناء حياتها.

رسالة إلى المرأة المطلقة، أنت لست مجرد حالة اجتماعية أو رقم في إحصائية. أنت قصة من القوة والصمود. اختاري أن تكوني ما تريدينه لنفسك، و اعملي على تطوير ذاتك، و ارفعي رأسك عاليا، فأنت لست مذنبة ولا مخطئة في البحث عن حياة أفضل. الطلاق ليس النهاية، بل هو بداية جديدة تستحقين أن تكتبي فصولها بأجمل الألوان.

 ….. رسالة لكل من يسعى للطلاق 

إلى كل من يخطو نحو الطلاق كخيار لا بديل عنه، تريث قليلا و اقرأ هذه الكلمات بعين القلب وعقل الحكمة.

الطلاق ليس قرارا يتخذ في لحظة غضب أو تحت وطأة انفعال عابر، بل هو خطوة تهز أركان الحياة وتترك أثرا قد يلازمك مدى الحياة. قبل أن تقدم عليه، اسأل نفسك بصدق: هل استنفدت كل الطرق للإصلاح؟ هل طرقت باب الحوار بإخلاص؟ هل واجهت مشكلاتك بشجاعة وتريت، أم أنك قررت الهروب منها؟

الزواج ليس رحلة خالية من العواصف، بل هو امتحان مستمر يتطلب صبرا و تفهما وقلبا متسعا للتغاضي عن الزلات. فكر في العشرة التي جمعتكما، وفي اللحظات الجميلة التي كانت يوما زادا لروحك. هل من الممكن إحياء تلك المشاعر أم أن الجذور قد جفت تماما؟

إن كنت تسعى للطلاق، فاجعل قرارك قائما على قناعة ناضجة، لا على أهواء مؤقتة أو ضغوط خارجية. تأكد أن هذا القرار هو ما يحقق لك السلام الداخلي، وليس مجرد رغبة في الهروب من مسؤولياتك أو إخفاقاتك. ولا تنس أن الطلاق ليس حلا سهلا، بل مسؤولية كبيرة لها تبعات نفسية واجتماعية ومالية.

وإن كان لديك أطفال، فكن واعيا كل الوعي بأن الطلاق ليس مجرد انفصال بينك وبين شريكك، بل هو زلزال قد يعصف بأمانهم و استقرارهم النفسي. اجعل قراراتك متأنية، واحرص على أن تظل حاضرا في حياتهم، تقدم لهم الحب والدعم مهما كانت الظروف.

الطلاق أحيانا يكون ضرورة لا مفر منها لإنقاذ النفس من الألم، لكنه في الوقت ذاته باب يجب أن يفتح فقط إذا أغلقت كل الأبواب الأخرى. فإن قررت العبور من هذا الباب، فافعل ذلك بكرامة واحترام، ولا تنس أن الإنسان النبيل يظل كذلك حتى في أصعب المواقف.

الحياة بعد الطلاق قد تكون بداية جديدة، لكنها تحتاج إلى وعي كبير لتبنى من جديد على أسس أكثر قوة ووضوحا. كن صادقا مع نفسك، وكن حكيما في قراراتك، وتذكر دائما أن الكرامة والاحترام أساس كل شيء، حتى عند إنهاء الأشياء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى