لما تحرم ما أحل الله لك .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إياك وتجريح الأشخاص والهيئات، وكن سليم اللسان ،طيب الكلام، عذب الألفاظ ، مأمون الجانب، واعلم أن الإحتمال دفن للمعائب والحلم ستر للخطايا والجود ثوب واسع يغطي النغائص والمثالب، وانفرد بنفسك ساعة تدبر فيها أمورك وتراجع فيها نفسك وتتفكر في آخرتك وتصلح بها دنياك، وإن مكتبتك المنزلية هي بستانك الوارف وحديقتك الخضراء فتنزه فيها مع العلماء والحكماء والأدباء والشعراء، واكسب الرزق الحلال وإياك والحرام وإجتنب سؤال الناس والتجارة خير من الوظيفة وضارب بمالك واقتصد في المعيشة، والبس وسطا.
لا لباس المترفين ولا لباس البائسين، ولا تشهر نفسك بلباس وكن كعامة الناس، ولاتغضب فإن الغضب يفسد المزاج ويغير الخلق ويسيء العشرة ويفسد المودة ويقطع الصلة، وسافر أحيانا لتجدد حياتك وتطالع عوالم أخرى وتشاهد معالم جديدة وبلدانا أخرى، فالسفر متعة، وقيل أنه أهدي إلى أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها زلعة عسل وكانت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى فادخرته له حتى تستأثر بالنبي صلى الله عليه وسلم وقتا زيادة عن زوجاته وفعلا حصل لها ما أرادت فأصبح صلى الله عليه وسلم يخرج كل يوم بعد صلاة العصرفيذهب إلى بيت زينب ليأكل العسل وبعد أيام إكتشفت السيدة عائشة وحفصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم عند السيدة زينب كل يوم وعرفن السبب.
وكانت السيدة عائشة والسيدة حفصة في حلف واحد مع بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والسيدة زينب وأم سلمة في حلف مع بعض الزوجات الأخريات، فاشتغلت الغيرة والكيد على من؟ على خير البرية صلى الله عليه وسلم، فدبرن مكيدة واتفقن على تنفيذها، فقالت السيدة عائشة لحفصة عندما يأتي النبي عندك فقولي له إليك عني لعلك أكلت مغافير وهو طعام كريه الرائحة، وعندما يأتي عندي أقول له نفس الشيء فيتيقن أن لرائحة العسل شيء كريه، فلا يذهب عند زينب وكان صلى الله عليه وسلم يكره أن يخرج منه رائحة كريهه، وكانَت رائحته كرائحة المسك من غير طيب ولكن إذا أخبرك شخصان بنفس الشيء تصبح تشك في نفسك وهذا ما حصل مع النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم.
فأخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنتجحش فيشرب عندها عسلا قالت فتواطيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل على إحداهما فقالت ذلك له فقالبل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزل قول الحق سبحانه وتعالي ” لم تحرم ما أحل الله لك” إلى قوله تعالي “إن تتوبا” للسيدة عائشة والسيدة حفصة فيقول تعالي ” وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا” لقوله بل شربت عسلا” رواه مسلم وأبو داود والنسائي، فانظروا لهذا الموقف منه صلى الله عليه وسلم ومحاولته إرضاء أزواجه بالرغم من مكانته عند ربه ومكانته في قومه صلى الله عليه وسلم.