واخفض لهما جناح الذل من الرحمة .. الكاتب/ محمـــد الدكـــرورى

 

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، يا أخي الكريم دائما عليك أن تحول خسائرك إلى أرباح واصنع من الليمون شرابا حلوا وأضف إلى ماء المصائب حفنة سكر وتكيف مع ظرفك، ولا تيأس من روح الله تعالي ولا تقنط من رحمة الله عز وجل ولا تنسي عون الله سبحانه، فإن المعونة تنزل على قدر المؤونة.

والخيرة فيما تكره أكثر منها فيما تحب وأنت لا تدري بالعواقب وكم من نعمة في طي نقمة ومن خير في جلباب شر، وقيد خيالك لئلا يجمح بك في أودية الهموم وحاول أن تفكر في النعم والمواهب والفتوحات التي عندك، وإجتنب الصخب والضجة في بيتك ومكتبك ومن علامات السعادة الهدوء والسكينة والنظام، وإن الإنسان قد يتثاقل القيام بحق الأبوين معا حينما يكونان على قيد الحياة، ولكنه قد يسهل عليه القيام بحق واحد منهما، فأدنى ما يتصور من الأذية، وما فوقه من باب أولى “أُف” منهي عنها “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ” والنهر كأن ينفض يده في وجه أبيه، وأمه، أو أن يأتي بالكلام على سبيل الزجر، والإغلاظ فتخرج العبارات والكلمات مكهربة تدل على نفس محتدمة، تدل على نفس قد امتلأت حنقا على هذا الوالد، أو الوالدة. 

وهذا لا يجوز بحال من الأحوال، قد يتخير الإنسان العبارات الحسنة، ولكنه يؤديها بلفظ ملؤه الزجر، وهذا لا يليق “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريم” فيتخير الإنسان الكلمة اللطيفة، الكلمة الجيدة التي لا تعاب، فالقول الكريم يشمل الألفاظ التي تتخير، ويشمل أيضا الأسلوب الذي تؤدى به هذه الألفاظ، والله يقول ” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ” أي اخفض لهما جانبك الذليل، تذلل لهما تذللا ناشئا من الرحمة لأن الإنسان قد يتذلل لأبويه خوفا أو قد يتذلل لأبويه طعما وذلك كأن يريد من أبيه حاجة من حاجات الدنيا كأن يزوجه، أو يعطيه مالا، أو يشتري له مركبة، أو نحو ذلك، فيتلطف، ويتذلل بالقول معه، لكن ذلك لا يسوغ، إنما المطلوب أن يكون ذلك ناشئا من الرحمة بهذا الوالد، أو الوالدة. 

أي اخفض لهما جناحك الذليل رحمة بهما، وليس ذلك فحسب بل يعقب ذلك بالدعاء، وهذا يدل على تأصل البر، وتأكده في نفس هذا الولد ” وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ” وهي رحمة راسخة ثابتة كما ربياني في حال الصغر، وهذا يدل على أصالة هذا الولد، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع كلمة الحق والدين وانصر عبادك المؤمنين، واحفظ إمام المسلمين، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وأيده بتأييدك، وأعز به دينك يارب العالمين، اللهم كن له على الحق مؤيدا ونصيرا، ومعينا وظهيرا، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم كتابك، والعمل بسنة نبيك، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم دمر أعداء الدين وسائر الكفرة المعاندين، الذين يصدون عن سبيلك ويعادون أهل دينك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى