الدكـــروري يكتب: بذل السلام وحسن الكلام

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد يا أخي الكريم اجعل لمطالبك الدنيوية حدا ترجع إليه، وإلا تشتت قلبك وضاق صدرك وتنغص عيشك وساء حالك، ولا تجعل الصحة ثمنا أو الشهوة أو المنصب فتخسر الجميع لأن من فاتته الصحة لا ينعم بمتعة، وينبغي لمن تظاهرت عليه نعم الله تعالي أن يقيدها بالشكر ويحفظها بالطاعة ويرعاها بالتواضع لتدوم، فمن صفت نفسه بالتقوى وطهر فكره بالإيمان وصقلت أخلاقه بالخير نال حب الله وحب الناس، فالكسول الخامل هو المتعب الحزين حقيقة، أما العامل المجد فهو الذي عرف كيف يعيش وعرف كيف يسعد، إن الكلمة الطيبة هداية الله تعالي وفضله لعباده وهي رسالة المرسلين وسمة المؤمنين، دعا إليها رب العالمين في كتابه الكريم.

وإن القرآن الكريم بيّن لنا أهمية الكلمة الطيبة وعظيم أثرها واستمرار خيرها، وبين خطورة الكلمة الخبيثة وجسيم ضررها وضرورة اجتثاثها، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالي “أنه شبّه الله سبحانه وتعالي الكلمة الطيبة وهي كلمة التوحيد بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح، والشجرة تثمر الثمر النافع” والكلمة الطيبة هي حياة القلب، وهي روح العمل الصالح، فإذا رسخت في قلب المؤمن وانصبغ بها وواطأ قلبه لسانه، وإنقادت جميع أركانه وجوارحه، فلا ريب أن هذه الكلمة تؤتي العمل المتقبل، والكلمة الطيبة هي كلمة الحق ثابتة الجذور، سامقة الفروع لا تزعزعها أعاصير الباطل، ولا تحطمها معاول الهدم والطغيان، تقارع الكلمة الطيبة كلمة الباطل فتجتثها فلا قرار لها ولا بقاء، والكلمة الطيبة حية نابضة لا تموت ولا تذوي. 

لأن بذورها تنبت في النفوس المؤمنة الثابتة على الإيمان، المتجددة بتجدد الأجيال، التي تعرف حقيقة وجودها ومعالم طريقها، وإن رسول الله المصطفي صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى لأمته لم يكن فظا غليظا بل كان سهلا سمحا، لينا دائم البشر، يواجه الناس بابتسامة حلوة، ويبادرهم بالسلام والتحية والمصافحة وحسن المحادثة، علمنا أدب التخاطب وعفة اللسان فقال صلى الله عليه وسلم “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء” رواه الحاكم، وعلمنا بأن “الكلمة الطيبة صدقة” كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، وأنها تحجب المؤمن من النار، ففي حديث عمر بن حاتم رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه “اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة” رواه أحمد. 

وأن الكلمة الطيبة شعبة من شعب الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” متفق عليه، وبالكلمة الطيبة تتحقق المغفرة، لقول المصطفي صلى الله عليه وسلم “إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام” رواه الطبراني، بل إن الكلمة الطيبة سبب في دخول الجنة، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها لمن ألان الكلام أطعم الطعام بات لله قائماً والناس نيام” رواه أحمد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى