تخلى الناس عن واجبهم الوطني .. الكاتب / محمـــد الدكـــرورى

 

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، أما بعد في كثير من الأحيان يتخلى الناس عن واجبهم تجاه الممتلكات العامة ويتذرعون بحجج كثيرة مثل قولهم إن هذه الممتلكات ليست لهم ولا يستفيدون منها، فيحافظ الشخص على بيته وممتلكاته ونظافة مكانه لكنه يناقض نفسه ويتلف الممتلكات العامة ولا يسأل عنها أبدا، وهذا التناقض يتولد نتيجة الأنانية واللامبالاة وإنعدام المسؤولية، وعلى الدولة أن تكثف من حملاتها التوعوية لجميع الناس والفئات، وخاصة لطلبة المدارس والجامعات من خلال التشديد على الحفاظ على الممتلكات العامة في المناهج الدراسية. 

وتفعيل قوانين خدمة المجتمع التي تجبر الناس على تحمل مسؤولياتها تجاه هذه الممتلكات كي يتعلموا الإنتماء إليها والحرص عليها كما لو أنها ممتلكات شخصية غالية بالنسبة لهم، وتضافر جميع الجهات المسؤولة في الوطن من مواطنين وجهات حكومية خاصة يسهم كثيرا في خلق حالة من الوعي الكبير، مما يجعل الناس يحافظون على الممتلكات العامة بكل ما أوتوا من قوة، فالإنتماء لا يكون بالأقوال وإنما بالأفعال التي تثبته وتجعله مرئيا واضحا من قبل الجميع، وحتى إن بعض الأشخاص يتحملون مسؤوليات مضاعفة من شدة إنتمائهم لأوطانهم، ويدفعون النقود من مالهم الخاص لأجل صيانة الممتلكات العامة وترميمها والحفاظ عليها، ولأجل أن تكون في أبهى حلة في كل وقت، حتى لو رآها أي شخص غريب. 

عرف أن الشعب الذي يحافظ على ممتلكاته العامة هو شعب يستحق الإحترام، وشعب يعرف قيمة وطنه جيدا فيحافظ عليه وعلى كل شيء فيه، وروي عن الأصمعي قال سمعت أعرابيا يقول شر المال ما لا ينفق، وشر الإخوان الخاذل في الشدائد، وشر السلاطين شر الحكام من يخافه البريء، وشر البلاد ما ليس فيه خصب ولا أمن، فالوطن الحقيقي للمسلم هو هناك في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر لأن آدم عليه السلام أخرج من وطنه الأول الجنة، فهو ومن آمن من ذريته في شوق شديد إلى وطنهم الأول، الجنة، وقال على بن أبى طالب رضى الله عنه إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.

وإن من الأمانة هو الحفاظ علي الوطن بتولية من يصلح للأمر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا وسّد الأَمر لغير أهله فانتظروا الساعة” فالرجل المناسب في المكان المناسب، فلا تسند الوظيفة إلا لمن هو أهل لها، لغرض أن تبرز كفاءته وصفاته، فالنبي صلى الله عليه وسلم إعتذر لأبي ذر رضي الله عنه لما طلب منه أن يستعمله، بل حذره من خطر ذلك عليه مما عرفه عنه صلى الله عليه وسلم، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمّرن على اثنين ولا تولين مال يتيم” وعنه قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال ” يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أَخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها” 

وقد يكون الرجل حسن السيرة، معروفا بين الناس بأخلاقه وفضائله لكنه ليس أهلا لتولي المناصب العامة، فلو أعطي له منصب معين فسيؤدي به إلى عواقب سيئة، فالحديث معناه أنه أذا أنيط برجل منصب، ولم يكن أهلا لقيادته فسيؤول إلى خراب وإلى دمار، وإنتظار الساعة يعني خراب ذلك الشيء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى