مبادئ الإسلام الفاضلة .. بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، قيل أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيىء فيهم زيد الخيل وهو سيدهم فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الإسلام فأسلموا وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. 

ما وصف لي رجل من العرب إلا وجدته دون ما وصف إلا زيد الخيل فإن وصفه لم يبلغ ما وصف به وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم الطائي في قومه من طيىء وكان نصرانيا فمضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدخله إلى بيته وتناول وسادة من أدم حشوها ليف فطرحها وقال له اجلس عليها فقال بل أنت فاجلس عليها يا رسول الله فجلس رسول الله في الأرض وأجلسه على الوسادة ثم لم يزل يكلمه ويعرض عليه ما في دينه النصرانية مما أحدثوه فيه من الشرك ويعرض عليه الإسلام ويخبره أنه دين سيبلغ ما بلغ الليل والنهار وأنه لا يبقى عربي إلا دخل في طوعا أو كرها فقبل عدي الإسلام وأسلم وحسن إسلامه وتبعه قومه فأسلموا وحسن إسلامهم. 

وروي أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطى رجلا حلّة ومائة دينار، فقيل له، أي لماذا كل ذلك، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “أنزلوا الناس منازلهم، وهذه منزلة هذا الرجل عندي” وذكر الحافظ ابن كثير من خبر الأصبغ بن نباته أن رجلا جاء على بن أبي طالب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فرفعتها إلى الله تعالى قبل أن أرفعها إليك، فإن قضيتها حمدت الله وشكرتك، وإن لم تقضها حمدت الله وعذرتك، فقال على اكتب حاجتك على الأرض فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك، فكتب إني محتاج، فقال لي علىّ بحُلة، فأتى بها، فأخذها الرجل فلبسها، ثم أنشأ يقول كسوتني حُلة تبلي محاسنها، فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا، إن نلت حسن ثنائى نلت مكرمة، ولست أبغى بما قد قلته بدلا

 إن الثنا ليحيي ذكر صاحبه، كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا، لا تزهد الدهر في خير تواقعه، فكل عبد سيجزي بالذي عملا، فقال على علىّ بالدنانير، فأُتى بمائة دينار فدفعها إليه، فقال الأصبغ يا أمير المؤمنين، حلة ومائة دينار قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “أنزلوا الناس منازلهم” وهذه منزلة هذا الرجل عندي” وقيل‏ إن فتى جاء إلى سفيان بن عيينة من خلفه فجذبه وقال‏ يا سفيان حدثني فالتفت سفيان إليه وقال‏ يا بني من جهل أقدار الرجال فهو بنفسه أجهل‏، فهكذا يجب على المؤمن أن يقدر الناس على قدر أيمانهم وتقواهم لله عز وجل وليس مراكزهم وثرواتهم، وهذا من سنته صلى الله عليه وسلم ومن مبادئ الإسلام الفاضلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى