الجانب الآخر:

الحقيقة ينتابني شعورا يدعني أتسأل هل للمرء من تناقضات في حياته، أو بمعنى آخر هل له من شاشة خلفية لا يراه سواه، والله وحده أعلم بها ، رغم ما يظهره أمام الجميع من مثالية أو حتى عدم مثالية لدرجة لا يتصور معها وجود جانب آخر في حياته، أو أن ما يدور في ذهنه من آفكار وآراء وعلوم خلاف ما يتحدث به وسط محيطه، فيحكم عليه بحكم خلاف الحقيقة، وهو ما يفاجئ به الكثيرين من حوله عند معرفتهم بالجانب الآخر في حياته…أي كأن الحكم على الشخصية بقلة المعرفة وعدم الخبرة والالمام بثقافة معينة في شئ سلبي منها أو الحكم عليها بالإيمان والورع والتقوى في شي إيجابي منها، إذ مع الوقت الشخصية التي كنا نراها ونتهمها بقلة المعرفة إذ بها قاموس من المعلومات، وإذ بالشخصية التي كنا نمدحها بالورع والايمان إذ بها عكس ذلك .
هل تلك الشخصية التي جمعت بين المتناقضات في حياتها ، تتصف بالإتزان وسط محيطها أم أنها شخصية غير متزنة ومنهارة ولا مستقبل لها.
الحقيقة أن تلك الشخصية من وجهة نظري هي من اقوى الشخصيات تعيشا وسط محيطها، لانها استطاعت أن تخفي الجانب الذي تريد إخفاءه وتظهر ما تريد، بعيد عن كون الحلال والحرام في هذا الأمر فهو متروك لله سبحانه وتعالى وليحاسب عليه المرء، لكن الدهاء والذكاء جعل من تلك الشخصية كينونة حياتية استطاعت أن تتجاوز المحن التي واجهتها في حياتها، فلو أن الشخصية لم تكن تظهر قدرها من المعرفة والعلوم لكون محيطها غير قادر على استيعابها أو لأن محيطها سيقلل من حجمها فحفاظا على ذاتها أخفت سرها….فاحترمت ذاتها وكرامتها وعلو شأنها ، أما عن التظاهر بالإيمان والورع أو عكس ذلك فهو أمر تحكمه النية والعلاقة بين العبد وربه فقد يكون اظهار الايمان والورع حتى يقتدي به الآخرون، وقد يكون عدم اظهار ذلك ليظل الأمر بينه وبين ربه .
الحقيقة شعوري هذا جعلني اترك التسأول والحيرة في أمر الشخصية التي جمعت بين المتناقضات ، ولأن البحث حولها جعلني قد أحكم على الجميع بحكم غير مطابق للمواصفات.

لكن لا شك أن الشخصية في غالب الأمر تجمع بين العديد من المتناقضات وان ما يظهره المرء خلاف ما يبطنه ، وقد يكون ذلك من باب الحرص والحنكة والاستعانة على قضاء الحاجة بالسر والكتمان ، فلا ضير في ذلك ، مع مراعاة حق الله وحق العباد.

تحياتي شخابيط دكتور محمد عويان المحامي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى