د. أمل عبدالله الهدابى تكتب: اليوم الوطنى الـ٥٣ للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد

تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة، فى الثانى من ديسمبر من كل عام، بيومها الوطنى، الذى يصادف ذكرى تأسيس اتحادها المبارك. ومع كل عام يمر من عمر هذا الاتحاد تضيف الدولة لبنات جديدة تعزز قوته وصلابته؛ ليبرهن على عمق الرؤية الحكيمة للقادة المؤسسين الذين تحدوا واقع الفرقة والتشرذم، وواجهوا كل التحديات الصعبة، وأرسوا الركائز القوية التى جعلت من دولة الإمارات اليوم إحدى أفضل دول العالم فى كافة المؤشرات التنموية والحضارية.
الاتحاد نقطة القوة والانطلاق:
تجسدت حكمة القادة المؤسسين ورؤيتهم الثاقبة فى الإيمان بأن نقطة الانطلاق نحو المستقبل؛ هى من خلال الاتحاد فى كيان واحد متماسك وقوى يستطيع مواجهة التحديات المشتركة، وكان المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أكثر مَن آمن بأهمية الوحدة، وعمل بقوة من أجل تجسيدها واقعًا معيشًا. وعلق هو نفسه على هذه الحقيقة، فقال ذات مرة: «البعض يتهمنى أننى وحدوى، وهذه تهمة لا أنفيها، أنا وحدوى، ولكننى لا أفرض الوحدة على أحد».
لقد تحرك المغفور له، الشيخ زايد، رحمه الله، وإخوانه حكام الإمارات، انطلاقًا من مبدأ أن «الاتحاد قوة والتفرق ضعف»، وبعد أن تمكنوا من إنجاز هدف الوحدة بالإعلان عن تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فى الثانى من ديسمبر عام ١٩٧١؛ استمر العمل على قدم وساق من أجل ترسيخ أركان الدولة الاتحادية، واستكمال مؤسساتها وقواعدها، وصولًا إلى الإعلان عن قرار توحيد القوات المسلحة الإماراتية فى السادس من مايو عام ١٩٧٦، تحت قيادة مركزية واحدة، وشعار وعَلَم واحد؛ ليكتمل البنيان الاتحادى، وتنطلق دولة الإمارات فى رحلة التطوير والبناء حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من ريادة عالمية وتطور حضارى وتنموى يُشار إليه بالبنان.
ومثلما كان تأسيس الاتحاد وتدعيم أركانه هو المرتكز الأساسى فيما حققته الدولة من إنجازات خلال الخمسين عامًا الأولى من عمرها؛ فإنه أيضًا سيظل الركيزة الأساسية فى انطلاق الإمارات نحو المستقبل الطموح الذكى الذى تنشده خلال الخمسين عامًا المقبلة، وصولًا إلى مئوية الإمارات ٢٠٧١. وتأكيدًا لذلك، جاء المبدأ الأول من المبادئ العشرة لوثيقة الخمسين- التى تمثل مرجعًا لمؤسسات دولة الإمارات خلال الخمسين عامًا القادمة- واضحًا وصريحًا فى تأكيد فكرة أهمية تقوية الاتحاد، حيث نص على: «الأولوية الرئيسية الكبرى ستبقى تقوية الاتحاد، من مؤسسات وتشريعات وصلاحيات وميزانيات، وتطوير كافة مناطق الدولة، عمرانيًّا وتنمويًّا واقتصاديًّا؛ وهو الطريق الأسرع والأكثر فعالية فى ترسيخ اتحاد دولة الإمارات».
وتأكيدًا لذلك أيضًا، جاء توجيه صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هذا العام، باعتماد الثامن عشر من شهر يوليو من كل عام، «يوم عهد الاتحاد»؛ وذلك احتفاءً بالاجتماع التاريخى الذى عُقد فى هذا اليوم من عام ١٩٧١، والذى وقَّع فيه المؤسس، المغفور له، الشيخ زايد، وإخوانه الحكام «وثيقة الاتحاد» ودستور الإمارات، وأعلن فيه بيان الاتحاد والاسم الرسمى لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث شكل هذا الاجتماع التاريخى إحدى الخطوات الرئيسية فى تأسيس اتحاد الإمارات يوم ٢ ديسمبر من العام ذاته. وقال سموه بهذه المناسبة: «إن يوم عهد الاتحاد مناسبة نستذكر خلالها محطات المسيرة المباركة لوطننا، ونستلهم منها الدروس والعبر للحاضر والمستقبل، ونجدد العهد مع الله تعالى ثم أنفسنا وشعبنا فى اليوم الذى وضع فيه (زايد) وإخوانه ميثاق الاتحاد.. أن تظل راية دولة الإمارات خفاقة، وتبقى وحدتنا السياج الحامى لمسيرتنا».
وتؤكد هذه الخطوات بوضوح الأولوية المهمة التى تعطيها قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، لترسيخ وتقوية دعائم الاتحاد فى المستقبل، باعتباره الضمانة الرئيسية والأولى لتحقيق طموحات الدولة وشعبها فى التقدم والتنمية والرخاء، وتعريف الأجيال الناشئة بتاريخ بلادهم والتضحيات والجهود التى بُذلت لتحقيق هذا الاتحاد التاريخى.
٢٠٢٤.. إنجازات فى مجالات متعددة:
مع كل عام تضيف دولة الإمارات مزيدًا من الإنجازات واللبنات التى تعزز قوة ورسوخ الكيان الاتحادى، ومكانة دولة الإمارات بوصفها نموذجًا رائدًا عالميًّا فى مجالات التطور الإنسانى. وخلال عام ٢٠٢٤، حققت الدولة العديد من الإنجازات المهمة بتوجيه ومتابعة قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، والتى يمكن الإشارة إلى بعضها على النحو التالى:
١- قفزة اقتصادية: حققت الإمارات قفزة مهمة فى حجم تجارتها الخارجية خلال النصف الأول من ٢٠٢٤؛ حيث بلغت صادراتها النفطية فى ٦ أشهر فقط ما كانت تصدره خلال عام كامل قبل جائحة «كورونا»، واقتربت تجارتها الخارجية من نحو ١.٤ تريليون درهم خلال ٦ أشهر بنمو ٢٥٪ لصادراتها غير النفطية، وفق ما أعلن صاحب السمو، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبى، رعاه الله، مضيفًا سموه أنه: «فى وقت بلغ معدل النمو العالمى للتجارة الخارجية نحو ١.٥٪، بلغ النمو فى تجارتنا الخارجية ١١.٢٪ سنويًّا؛ حيث نمضى بتسارع نحو مستهدفاتنا».
وتأكيدًا لالتزامها بتحقيق استراتيجيتها لزيادة تجارتها غير النفطية إلى ٤ تريليونات درهم، ورفع صادراتها إلى ٨٠٠ مليار درهم بحلول ٢٠٣١، وقّعت دولة الإمارات مزيدًا من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة؛ ومن ذلك اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع جمهورية موريشيوس، واتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع جورجيا، والتى دخلت حيز التنفيذ رسميًّا فى يونيو ٢٠٢٤، ومع كمبوديا، والتى دخلت حيز التنفيذ فى يناير ٢٠٢٤؛ لتُضاف هذه الاتفاقيات إلى نحو عشر اتفاقيات أخرى تم توقيعها، فى إطار برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، والذى يُتوقع أن يؤدى إلى زيادة صادرات الإمارات بنسبة ٣٣٪ والإسهام بأكثر من ١٥٣ مليار درهم فى الناتج المحلى الإجمالى للدولة بحلول عام ٢٠٣١؛ ما يمثل نموًّا بنسبة ١٠٪ تقريبًا مقارنة بعام ٢٠٢٢.
كما شهد عام ٢٠٢٤ تطورًا مهمًّا تمثل فى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار ٢٠٣١، خلال أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات ٢٠٢٤، والتى عُقدت فى العاصمة أبوظبى، خلال يومى ٥ و٦ نوفمبر. وتستهدف هذه الاستراتيجية تحقيق رؤية وطنية طموحة بترسيخ الإمارات محورًا استراتيجيًّا عالميًّا للاستثمار، كما تستهدف مضاعفة الاستثمارات الأجنبية المباشرة التراكمية بين ٢٠٢٥ و٢٠٣١ إلى نحو ٣٠٪ من حجم الاستثمارات فى الدولة، والتى تبلغ حاليًا ١٥٪، والوصول بها إلى ١.٣ تريليون درهم؛ لدعم تحقيق النمو الاقتصادى المنشود، وزيادة الرصيد الأجنبى المباشر التراكمى ٣ مرات؛ ليصل إلى ٢.٢ تريليون درهم فى ٢٠٣١.
وعلى مدى الخمسين عامًا الماضية، شهد الاقتصاد الإماراتى قفزات كبيرة بفضل الرؤية التنموية المرنة والحكيمة للقيادة الإماراتية، حيث تطور الاقتصاد ٢٤ ضعفًا خلال هذه الفترة، وارتفع من ٢٠ مليار دولار عام ١٩٧٥ إلى أكثر من ٤٥٦ مليارًا فى ٢٠٢٣، وفق ما أعلن معالى الدكتور ثانى بن أحمد الزيودى، وزير دولة للتجارة الخارجية، فى نوفمبر ٢٠٢٤. كما اتسم التطور الاقتصادى بالمرونة، حيث استطاع التكيف مع مختلف التطورات الحادثة فى الاقتصاد العالمى، ولاسيما لجهة الانتقال السلس والسريع من الاقتصاد القائم على الطاقة التقليدية إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.
٢- دور ريادى فى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى: أَوْلَت دولة الإمارات اهتمامًا كبيرًا بالذكاء الاصطناعى، واتخذت العديد من الإجراءات التى من شأنها الإسهام فى تحقيق رؤية الدولة المستقبلية نحو الريادة فى الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته؛ إذ تشير التوقعات إلى أن استثمارات الإمارات فى الذكاء الاصطناعى سوف تصل إلى ٣٣ مليار درهم (نحو ٩ مليارات دولار) بنهاية عام ٢٠٢٤، بالإضافة إلى ذلك، تسعى الإمارات إلى رفع حجم استثماراتها فى الذكاء الاصطناعى إلى ٥٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٥.
ومن الإجراءات التى اتخذتها على سبيل المثال بناء شركات وطنية ضخمة قادرة على أن تصبح قاعدة صناعية متطورة تحمل عبء النهوض بهذه الصناعة الوليدة، مثل شركة G٤٢، وأنشأت العديد من الشراكات الدولية، سواء أكانت مع دول مثل: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين، أم مع شركات مثل: مايكروسوفت وأوبن إيه آى. وفى هذا الإطار أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، فى سبتمبر ٢٠٢٤، المبادئ المشتركة للتعاون فى مجال الذكاء الاصطناعى، والتى تم إقرارها من قِبَل مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيك سوليفان، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبى، مستشار الأمن الوطنى؛ وتهدف هذه المبادئ المشتركة إلى تعزيز التعاون بشكل أكبر بين الطرفين، وتطوير الأطر التنظيمية، وتعزيز نشر التقنيات الحساسة والناشئة بشكل آمن وموثوق، وزيادة الدعم المقدم للبحوث المشتركة بين القطاعين العام والخاص، والتبادل بين المؤسسات الأكاديمية فى البلدين.
٣- تعزيز ريادة الإمارات فى المؤشرات الدولية: استمرت الدولة خلال عام ٢٠٢٤ فى تعزيز ريادتها العالمية ضمن المؤشرات التنموية المختلفة، حيث حلَّت فى المرتبة الأولى عالميًّا فى قائمة الدول الأكثر استقرارًا اقتصاديًّا، متقدمة على سويسرا وألمانيا، اللتين حلَّتا فى الترتيب الثانى والثالث على التوالى، وذلك بناتج محلى إجمالى للدولة قدره ٥٠٤ مليارات دولار، مع نصيب فرد يُقدر بنحو ٨٣٩٠٠ دولار، كما حلَّت الدولة بالمرتبة الثالثة من حيث جذب الاستثمارات؛ بحسب تقرير صادر عن «يو إس نيوز»، فى أكتوبر ٢٠٢٤. كما حلت الإمارات فى المرتبة العاشرة عالميًّا فى مؤشر القوة الناعمة العالمى لعام ٢٠٢٤، والذى يشمل ١٩٣ دولة، وجاءت الأولى عالميًّا فى المؤشر الفرعى الخاص بقوة الاقتصاد واستقراره ضمن هذا المؤشر.
كما حققت دولة الإمارات إنجازًا عالميًّا جديدًا فى مجال التوازن بين الجنسين بتقدمها إلى المرتبة السابعة على مستوى العالم، واحتفاظها بالمركز الأول إقليميًّا فى مؤشر المساواة بين الجنسين ٢٠٢٤، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى؛ محققة نقلة نوعية فى ترتيبها بهذا المؤشر المهم، صعودًا من المركز ٤٩ عام ٢٠١٥، والمركز ١١ عالميًّا فى نسخة عام ٢٠٢٢.
كما حلّت دولة الإمارات فى المرتبة الأولى عربيًّا فى «المؤشر العالمى للفرص المستقبلية ٢٠٢٤»، الذى يقيس حجم الفرص المستقبلية التى تحملها التحولات العالمية، ومدى جاهزية الدول لتوظيفها لخدمة التنمية المستقبلية فى قطاعاتها الرئيسية. وحققت المرتبة الأولى عالميًّا فى ٢٠ مؤشرًا من مؤشرات الجاهزية لفرص المستقبل، من بينها: مرونة الاستجابة للمتغيرات؛ صناعة السياسات المستقبلية: إطلاق المبادرات الحكومية الاستباقية؛ جاذبية واستقرار وحجم المواهب العالمية؛ عدد المواهب التنافسية فى سن العمل؛ حجم مواهب تطوير برمجيات المستقبل الرقمية.
وحققت الإمارات قفزة جديدة فى التقرير السنوى للتنافسية العالمية ٢٠٢٤، الصادر عن مركز التنافسية العالمى التابع للمعهد الدولى للتنمية الإدارية فى مدينة لوزان السويسرية، متقدمة ٣ مراتب إلى المركز الـ٧ عالميًّا بعد الإنجاز الذى حققته فى العام الماضى بدخولها قائمة الدول الـ١٠ الكبار فى التقرير، متقدمة على النرويج وأيسلندا واليابان وكندا وفنلندا، وجاء أداء الإمارات متميزًا فى مختلف محاور التقرير، حيث جاءت فى المركز الثانى عالميًّا فى محور الأداء الاقتصادى، والمركز الـ٤ عالميًّا فى محور كفاءة الحكومة، والمركز الـ١٠ فى محور كفاءة بيئة الأعمال.
٤- سياسة خارجية داعمة للاستقرار العالمى والإقليمى: اعتمدت دولة الإمارات منذ تأسيسها عام ١٩٧١ سياسة خارجية شفافة، قائمة على بناء شبكة علاقات متوازنة مع دول العالم، ودعم جهود إرساء الاستقرار الإقليمى والدولى، وخفض التصعيد، والتشجيع على الحوار وبناء الجسور، وحل الأزمات بدلًا من الاكتفاء بإدارتها. كما تتبنى الدولة سياسة ترتكز على بناء السلام وترسيخ الأمن والاستقرار فى ربوع منطقتها والعالم؛ من منطلق إدراك قيادتها الرشيدة أن السلام والتنمية وجهان لعملة واحدة، وأن لدولة الإمارات دورًا مسؤولًا فى نشر السلام والازدهار على جميع الأصعدة بوصفها دولة سلام وتسامح، وركيزة استقرار فى منطقتها والعالم.
وانطلاقًا من هذه الحقيقة الثابتة والراسخة، جاءت التحركات الإماراتية النشطة خلال العام الماضى، والرامية إلى الإسهام فى تهدئة الصراعات والأزمات المتفجرة فى منطقة الشرق الأوسط والعالم، ولاسيما الأزمات المشتعلة فى قطاع غزة ولبنان وأوكرانيا، ففى أزمة أوكرانيا، نجحت الوساطة الإماراتية فى إنجاز ٩ صفقات تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية الحرب؛ ليصل العدد الإجمالى للأسرى الذين تمّ تبادلهم بين البلدين فى هذه الوساطات إلى ٢١٨٤ أسيرًا.
وفى غزة كثفت الدولة تحركاتها منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب على مسارين، الأول سياسى دبلوماسى سعى لخفض التصعيد ووقف الحرب. والثانى إنسانى، تمثل فى تقديم المساعدات الإغاثية العاجلة لأهالى قطاع غزة من خلال عملية «الفارس الشهم ٣»، التى انطلقت بتوجيهات من صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والتى تُعد من كبرى العمليات الإغاثية فى القطاع. وتضمنت هذه العملية الكثير من المبادرات الإنسانية المهمة، من بينها: المستشفى الميدانى الإماراتى، الذى مازال يعمل رغم استمرار العمليات العسكرية والمخاطر فى محافظة رفح بغزة، والمستشفى الإماراتى العائم، الذى أرسلته إلى ميناء العريش، ومبادرة الأطراف الصناعية لمساعدة المصابين وتلبية لاحتياجات مبتورى الأطراف جراء الحرب. كما أدت الإمارات دورًا محوريًّا فى دعم القطاع الصحى المتضرر فى غزة، حيث قدمت ٧٣٦.٢٥ طن من المساعدات الطبية، وبتوجيهات من صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، أطلقت دولة الإمارات مبادرة لإجلاء ١٠٠٠ طفل و١٠٠٠ من مصابى السرطان من قطاع غزة إلى الإمارات؛ بهدف توفير العلاج الطبى المتخصص لهم، كما أطلقت الإمارات حملة التطعيم ضد شلل الأطفال فى القطاع، إضافة إلى عملية «طيور الخير» التى تنفذها طائرات «C١٧» التابعة للقوات الجوية الإماراتية لإسقاط المساعدات الإنسانية على المناطق المعزولة، والتى لا تصل إليها المساعدات فى قطاع غزة.
وفى لبنان، برز الموقف الإماراتى الداعم بقوة للشعب اللبنانى، وأُطلقت، تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حملة «الإمارات معك يا لبنان»، وذلك بهدف إغاثة الشعب اللبنانى، وتوفير ما يحتاج إليه من إمدادات طبية ومواد غذائية وإيوائية. وقد لقيت هذه الحملة تفاعلًا شعبيًّا واسعًا، حيث شاركت فيها مختلف الجنسيات والشرائح والفئات المجتمعية، يتقدمهم سمو الشيوخ والوزراء والمؤسسات الإنسانية والخيرية، الذين شاركوا فى مختلف مراكز أنشطة تجميع سلال الإغاثة بأبوظبى ودبى والشارقة والفجيرة، كما شهدت الحملة تسيير الطائرات والسفن محملة بمختلف أشكال المساعدات الإنسانية.
ولم تتوقف الجهود الإماراتية عند هذه الأزمات الثلاث التى شغلت العالم كله فى عام ٢٠٢٤، ولكن امتدت إلى العديد من الأزمات الأخرى فى المنطقة والعالم؛ مستهدفة خفض التصعيد وتحقيق السلام والاستقرار، ونشر قيم التسامح والتعايش الإنسانى.
مستقبل واعد:
إن ما شهدته وتشهده دولة الإمارات من إنجازات مستمرة لا تتوقف، ومن التفاف شعبى حول قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، التى تقود الإمارات نحو المستقبل؛ من أجل ترسيخ مكانتها العالمية وتعزيز رفاهيتها وتطورها؛ يعزز ثقتنا فى المستقبل؛ لأن دولة الإمارات تنظر للمستقبل، ولا توقفها التحديات، مهما صعبت، عن تحقيق رؤيتها المستقبلية الطموحة؛ ولذلك لم يكن هناك استغراب من إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» اعتماد العيد الوطنى للإمارات، فى الثانى من ديسمبر، يومًا عالميًّا للمستقبل؛ فالإمارات هى دولة مستقبل، وهى نموذج لكل الدول الساعية إلى بناء مستقبل مشرق لشعوبها.
نقلاً عن : المصري اليوم
كاتبة إماراتية