المؤسسات التي تعتمد على الأوراق.. و القيمة المضافة لها

في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، تقف المؤسسات التي تعتمد على الورق في مركز نقاش حيوي: هل هذا الاعتماد يشكل قيمة مضافة لها، أم أنه عائق أمام تطورها؟
لفهم هذا السؤال، لابد من التعمق في أبعاد الاعتماد على الورق و تأثيره على الأداء المؤسساتي.
الأوراق: إرث تاريخي أم حاجة مستمرة؟
على مر العصور، كان الورق هو الأداة الرئيسية لحفظ السجلات ونقل المعلومات. و لطالما مثل هذا الوسيط ضمانة ملموسة في عالم يتسم بالتغير السريع.
المؤسسات التي تعتمد على الأوراق ترى فيه رمزا للموثوقية و الدقة، خاصة في قطاعات كالقانون والمحاسبة، حيث يعتبر السجل الورقي وثيقة رسمية يعتمد بها قانونيا.
لكن في المقابل، يثير هذا الاعتماد تساؤلات حول كفاءته في عصر الرقمنة. فبينما كان الورق ضروريا في الماضي، أصبح اليوم يمثل عبئا لوجستيا وإداريا، حيث تتطلب إدارته مساحات تخزين كبيرة و موارد بشرية إضافية.
ما هي التحديات المرتبطة بالورق؟!
★التكلفة البيئية:
الورق لا يأتي بلا ثمن؛ فهو يمثل استنزافا للموارد الطبيعية كالخشب والمياه والطاقة. ومع تزايد الوعي البيئي، ينظر إلى الاعتماد على الورق كعائق أمام تحقيق استدامة بيئية للمؤسسات.
★التكلفة التشغيلية:
الطباعة و التخزين والصيانة تشكل عبئا ماليا إضافيا على المؤسسات. فالموارد التي تنفق على إدارة الوثائق الورقية كان يمكن توجيهها لتطوير التكنولوجيا أو تحسين خدمات العملاء.
★المخاطر الأمنية:
الأوراق عرضة للتلف أو الفقدان نتيجة الحريق أو الفيضانات أو السرقة، مما يجعل المؤسسات التي تعتمد عليها في موقع ضعيف أمام أحداث غير متوقعة.
القيمة المضافة: منظور مختلف
رغم التحديات، يمكن للأوراق أن تضيف قيمة للمؤسسات إذا تم استخدامها بحكمة. فهناك حالات لا تزال فيها الوثيقة الورقية تضفي طابعا من المصداقية، لا سيما في المجتمعات التي لم تكتمل فيها التحولات الرقمية.
كما أن الأوراق تعزز التواصل الإنساني في بعض المواقف، مثل تقديم خطابات رسمية أو شهادات تسلم يدويا، ما يمنح التفاعل طابعا شخصيا يقدّره البعض.
الحل: التوازن بين الورق و الرقمنة
الرهان على الورق أو التخلي عنه بالكامل ليس خيارا مطلقا. المؤسسات الرائدة اليوم تسعى إلى تبني نموذج هجين يجمع بين فوائد الورق و كفاءة الرقمنة. يمكن الاحتفاظ بالوثائق الورقية الضرورية، مع تحويل الجزء الأكبر من العمليات إلى منصات رقمية تقلل التكاليف وتعزز الكفاءة
تعتمد القيمة المضافة للأوراق على السياق الذي تستخدم فيه. في بيئة تتطلب السرعة و الابتكار، تصبح الرقمنة الخيار الأكثر فاعلية. أما في مواقف تتطلب الموثوقية و المصداقية، فقد تظل الأوراق ركيزة أساسية. التحدي الحقيقي يكمن في قدرة المؤسسات على التكيف مع متطلبات العصر، مع الحفاظ على تراثها دون التضحية بمستقبلها.
هكذا، لا يمكن القول أن الأوراق عائق أو قيمة مضافة بشكل مطلق؛ بل هي أداة يمكن تطويعها لتحقيق أهداف المؤسسة إذا ما تم إدارتها بذكاء.